للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}.

أي هذا العذاب لكم عند الاحتضار، والبشرى بصلي النار، هو بسبب ما اجْتَرَحْتُم من الآثام والجرائم والأوزار، فإن الله لا يظلم أحدًا أبدًا وهو الحكيم الجبار.

وفي صحيح مسلم من حديث أبي ذر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: [يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا ..

يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه] (١).

وفي صحيح أبي داود والنسائي عن هانئ بن يزيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إن الله هو الحَكَمُ، وإليه الحُكمُ] (٢).

وقوله تعالى: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.

قال مجاهد: ({كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ}، كفعل آل فرعون، كسُنَنِ آل فرعون).

أي: سلك هؤلاء المكذبون من مشركي قريش مع نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم - إذ كذّبوه، كما سلكت الأمم الماضية المكذبة مع رسلها وأنبيائها فأهلكهم الله بذنوبهم، {إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ} لا يغلبه غالب، ولا يقف أمام قدرته أحد، ولا يرد قضاءه راد، {شَدِيدُ الْعِقَابِ} لمن تمرد على طاعته وتكبر عن أمره ورسله.

وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

هذه سنة عظيمة من سنن الله عز وجل في خلقه، فإن الله تبارك وتعالى لا يغيِّر نعمة


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٢٥٧٧)، والبخاري في "الأدب المفرد" (٤٩٠)، والترمذي في الجامع (٢٤٩٥)، وابن ماجه في السنن (٤٢٥٧)، وأخرجه أحمد في المسند (٥/ ١٦٠)، وابن حبان (٦١٩) من حديث أبي ذر مطوّلًا.
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن (٤٩٥٥)، وانظر صحيح سنن أبي داود - حديث رقم - (٤١٤٥)، وصحيح الجامع - حديث رقم - (١٨٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>