للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يحسبن الذين كفروا أنهم قد أفلتوا وفاتوا بل هم يَنْتَظِرُهُم خزي الدنيا من القتل والسبي والتشريد، ثم هم في الآخرة لا يعجزون.

فقوله: {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ}.

أي: ولو عاينت يا محمد هول ما يكون، وفظاعة ما ينزل بالكفار عند الاحتضار، حين يتوفى الملائكة أرواحهم ويبشروهم بعذاب الحريق.

قال مجاهد: ({إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} قال: وأستاههم، ولكن الله كريم يَكْني).

وقال أيضًا: (أستاههم، يوم بدر).

وقال ابن جريج: قال ابن عباس: (إذا أقبل المشركون بوجوههم إلى المسلمين، ضربوا وجوههم بالسيوف، وإذا ولّوا، أدركتهم الملائكة فضربوا أدبارهم).

أخرج الإمام أحمد وأبو داود والحاكم من حديث البراء - في احتضار الكافر - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة! اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السّفود الكثير الشعب من الصوف المبلول، فتقطع معها العروق والعصب، فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء. . .] الحديث (١).

وقوله: {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}. أي: تقول ذلك لهم الملائكة مبشرين لهم بالنار، وبالغضب من الجبار، على ما أسرفوا على أنفسهم وأقوامهم وألحقوا بهم من الشقاء والدمار.

أخرج ابن ماجه بسند صحيح عن أبي هريرة قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [فإذا كان الرجل السوء قال: اخرجي أيتها النفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة، وأبشري بحميم وغسَّاق، وآخر من شكله أزواج، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج] (٢).


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٤/ ٢٨٧ - ٢٨٨)، (٤/ ٢٩٥ - ٢٩٦)، وأبو داود في السنن (٢/ ٢٨١)، والحاكم (١/ ٣٧).
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجه في السنن - حديث رقم - (٤٢٦٢) بسند صحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وانظر تخريج الترغيب (٤/ ١٨٨ - ١٨٩)، وكذلك صحيح الجامع الصغير - حديث رقم - (١٩٦٤) - وهو جزء من حديث طويل.

<<  <  ج: ص:  >  >>