والقنوات، وتوظيف برامج علمية وفقهية خاصة بالعامة، وأن يقلل من الدروس التخصصيّة، لأنها ليست من باب الدعوة إلا قليلا، فإن مقامها طلبة العلم في الجامعة والمسجد، ومعظم مشاهدي الفضائيات من العوام الذين سينصرفون عن هذه الدروس، ولا يستفيد منها إلا قلة قليلة من الناس، إلا إذا استطاع المحاضر بأسلوبه أن يبسط المعلومة، ويجذب بعباراته العامة.
والداعية الحكيم، هو الذي يكلم المدعوين بما ينفعهم، مما يناسب مستواهم العلمي، وعلامة الحكمة في ذلك: أن ينصتَ معظم المدعوين، وأن ينتفعوا بما يسمعون.
فإذا كان الناس لا يعرفون أحكام الأركان الخمسة، فهل من الحكمة أن يجول الداعية بالمدعوين في تفصيلات عقدية أو فقهية، لا يفهمونها، وإن فهموها فهي لا تنفعهم في حياتهم العامة.
ومما لا يخف؛ أن للجاهل في الشريعة حكماً، وللعالم بالأمر ... -وهو يخالفه- حكماً آخر.
المطلب الثاني: صور من السنة النبوية في ذلك لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يراعي أحوال المدعويين العلمية فمن ذلك الأعرابي الذي بال في المسجد، وكشف عورته فيه، وقام أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليقعوا فيه .. لا شك أن تصرُّفَهم هذا ليس من الحكمة، لأنهم لم يُقدِّروا حالته من جهتين: حال كونه جاهلاً، وحاله -وقتئذ - وهو حاقن، يريد أن يبول .. ولكن خير الدعاة وسيد الحكماء عليه الصلاة والسلام، أدرك حاله من الجهل، وأدرك أنه -ساعتئذ- في حالة خاصة، أما الجهل: