للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أو لَا يكون مستعملًا في المعنى المطلوب" (١)، يعني به الغلطَ في استعمال اللفظ، كما تقدم من قول المسيَّب بن عَلَس: "بِنَاجٍ عَلَيْهِ الصَّيْعَريَّةُ مِكْدَمِ".

ومثلُه الاستعارةُ المذمومة، كقول أبي تمام:

لَا تَسْقِنِي مَاءَ المَلَامِ فَإِنَّنِى ... صَبٌّ قَدِ اسْتَعْذَبْتُ مَاءَ بُكَائِي (٢)

حيث شبَّه اللوم بالماء المشروب.

"فقد قال عمر - رضي الله عنه - في زهير: لا يتتبع الوحشيَّ، ولا يعاظل في الكلام" (٣)، ساقه المؤلفُ حجةً على السلامة من الوحشية ومن عدم الاستقامة، ولذلك لم يقتصر على إحدى الجملتين كما اقتصر على الجملة الثالثة فيما تقدم من قول عمر: "ولا يمدح الرجل إلا بما يكون للرجال"، حيث كانت ترجع إلى حسن معنى الوصف.

وقول عمر: "لا يعاظل "الكلام وقع في النسخ: "ولا يعاظل الكلام"، بسقوط حرف الظرفية، ولا يتعدى فعل يعاظل إلى الكلام بنفسه، فهو من باب نزع الخافض. وفي كتاب "جمهرة أشعار العرب" لأبي زيد: "ولا يعاظِل بين الكلامين" (٤)، وفي "نقد الشعر" و"الموازنة" و"المثل السائر": "ولا يعاظل بين الكلام" (٥). وإضافة


= مَا هَاجَ أَحْزَانًا وَشَجْوًا قَدْ شَجَا ... مِنْ طَلَلٍ كَالأَتْحَمِيِّ أَنْهَجَا
ديوان العجاج، ج ٢، ص ١٣ - ٨٢.
(١) نشرة هارون، ج ١، ص ١٥.
(٢) ديوان أبي تمام، ص ١٤. والبيت هو الثاني من قصيدة طويلة قالها أبو تمام في مدح يحيى بن ثابت.
(٣) نشرة هارون، ج ١، ص ١٥.
(٤) صفحة ٢٥ طبع بولاق سنة ١٣٠٨. - المصنف. الأنصاري: جمهرة أشعار العرب، ص ٧٦ - ٧٧. وتمام كلام عمر كما رواه أبو زيد: "لا يعاظل بين الكلامين، ولا يتتبع وحشيَّ الكلام، ولا يمدح أحدًا بغير ما فيه". وهو يرويه عن أبي عبيدة عن الشعبي يرفعه إلى ابن عباس. ورواه الآمدي بلفظ مختلف قليلًا: "كان لا يعاظل بين الكلامين، ولا يتتبع حوشيَه، ولا يمدح الرجلَ إلا بما في الرجل".
(٥) قدامة بن جعفر: نقد الشعر، ص ١٥١؛ الآمدي: الموازنة، ج ١، ص ٢٩٣؛ ابن الأثير: المثل السائر، ج ١، ص ٢٨٥. وانظر كذلك: الأصفهاني: الأغاني، ج ٤/ ١١، ص ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>