للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشد أحمدُ بنُ جحدر ابنَ الأعرابي أبياتًا، منها قولُه:

حَلَفْتُ بِمَا أَرْقَلَتْ نَحْوَهُ ... هَمَرْجَلَةُ خَلْقُهَا شَيْظَمُ

فقال له ابنُ الأعرابي: "إن كنت جادًّا فحسيبك الله" (١) أي إن لم يكن مقصدُك بجلب هذين اللفظين المزحَ، فقد أسأتَ في صناعة الشعر، فلذلك دعا عليه بـ "حسيبك الله"، الذي يُستعمل كنايةً عن جزاء ارتكاب السيئة، لا دعاء.

"أو غير مستقيم" (٢)، أراد به ما خالف قياسَ اللغة، كقول أبي النجم: "الحمدُ لله العَلِيِّ الأَجْلَل" (٣) بفك الإدغام، أو ما خفي اشتقاقُه كقول العجاج: "وفاحمًا ومرسنًا مسرجًا" (٤)، فلم يُدْرَ أَأَراد أنه منسوبٌ إلى السيف السُّرَيْجِيِّ في الدقة والاستواء، أم إلى السراج في البريق؟


= والواقع أن الشاعر المذكور في قصيدته التي أولها البيت المستشهد به قد جرى استعمال كثير من الألفاظ بنفس الوزن مما لا جريان له في الاستعمال، ولذلك فهي ليست مما أثبته كثير من أصحاب المعاجم. من ذلك "محْجُؤة، ومنهؤة، ومشكؤة، ومحمؤة".
(١) ابن جعفر: نقد الشعر، ص ١٥٠؛ الموشح، ص ٣٩٥ - ٣٩٦. والبيت من قصيدة قالها الشاعر المذكور - أحمد بن جحدر الخراساني - في مالك بن طوق، ثم زاد قدامة أنه قيل هي لمحمد بن عبد الرحمن الغريبي الكوفي قالها في عيسى الأشعري. والهمرجلة: السريعة، والشيظم: الطويل الجسم.
(٢) نشرة هارون، ج ١، ص ١٥.
(٣) هذا صدر البيت الأول من أرجوزة اسمها "أم الرجز" وهي تشتمل على ثمانية ومائتي مشطور، أنشأها الشاعر في مدح هشام بن عبد الملك، وهذا لفظ المشطور الأول في الديوان، وتمام البيت كما هو شائع:
الحمْدُ لله العَليِّ الأَجْلَلِ ... الوَاحِدِ الفَرْدِ القَدِيمِ الأَوَّلِ
وجاءت رواية الأصفهاني له بلفظ: "الحمد لله الموهوب المجزل". أما المشطور الثاني فلفظه في الديوان: "الواهب الفضل، الوهوب المجزل". ديوان أبي النجم العجلي، ص ٣٣٧ - ٣٦٣؛ الأغاني، ج ٤/ ١٠، ص ١١٤ - ١١٨ (نشرة الحسين).
(٤) هذا عجز البيت التاسع والثلاثين من الأرجوزة رقم ٣٣، وتمامه:
وَمُقْلَةً وَحَاجِبًا مُزَجَّجَا ... وفَاحِمًا وَمَرْسِنًا مُسَرَّجَا
وتشتمل هذه الأرجوزة على مائة وسبعة وأربعين بيتًا من مشطور الرجز، ومطلعها: =

<<  <  ج: ص:  >  >>