كان أخذ هذه بالتلقين، وفيما يتعلق بأميته أنني دعوت شيخنا الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد قاضي بريدة وما يتبعها من القصيم وذلك في عام ١٣٦٤ هـ ويومها كان سني ١٩ سنة ولكنني كنت مقربا منه وكنت أقرأ عليه في بيته، وكان الشيخ ابن حميد آنذاك ملء الأسماع والأبصار، ولم يكن يستجيب لمن يدعوه من كبار القوم وعليتهم ولكنه استجاب لدعوتي لما ذكرته.
وعندما حضر إلى بيتنا قدمت له فنجان القهوة وكان والدي إلى جانبه فقال الشيخ عبد الله بن حميد: خذ الفنجال يا أبو محمد، فقال والدي: أنت تفضل.
فكرر الشيخ عبد الله ذلك - مجاملة له - فبكى والدي، فسأله الشيخ عبد الله بن حميد قائلًا: وراك تبكي يا أبو محمد؟
فقال: أبكي من الفرح إني ما مت حتى شفت لي ولد يعزم مثلك على دخول بيتي وتستجيب له.
يا شيخ أحسن الله عملك، أنا أمي وكنت أتمنى أن أكون طالب علم، ولذلك كنت أدعو الله أن يجعل ولدي - يقصدني - طالب علم، والحمد لله على ذلك.
أقول: لقد استجاب الله دعاءه فجعل ولده - مؤلف هذا الكتاب - طالب علم، وليس ذلك فحسب، وإنما صار ابنه الثاني شقيقي الشيخ سليمان شيخًا بل قاضيًا عمل في سلك القضاء في بريدة وخارجها سنوات، وكان أول قاض من أسرتنا.
وأحاديث الوالد وأخباره محلها كتاب (السيرة الذاتية) إن يسر الله إنجازه.
ومن الناحية المالية:
عاش والدي ناصر بن عبد الرحمن العبودي معيشة طيبة من الناحية المالية في أوقات شهدت محنًا اقتصادية، بل إن التردي الاقتصادي كان فيها هو القاعدة وما عداه استثناء.
حتى وصل الأمر بأهل البلاد إلى المجاعة بأن تموت طوائف من النّاس