جوعًا في الشوارع وذلك في عام ١٣٢٧ هـ وهي التي تسمى (سنة الجوع).
قال لي والدي: كنت في سنة الجوع غنيًّا في جصتي مقدار كبير من التمر، ولدي مال.
وجهة تكسبه دكان كان يفتحه ويعمل فيه وإنّما، وكانت له صلة بطوائف من الأعراب يعاملهم ويعاملونه، وكان إلى ذلك (يدق) الملح والمراد بذلك صناعة البارود المتفجر، ولكن ذلك له موسم خاص يبلغ ذروته إبان وصول الطيور المهاجرة في الخريف والصيف وفيما بعد لا يشتري البارود إلا لصيد الصيد البري كالظباء والقطا والحباري.
وكان له بيت يملكه، ولم يحتج إلى أن يستأجر بيتا قطٌّ في حياته، بل قال لي، يذكِّرني بنعمة الله علينا: إنني أنا وإلى ما أعرفه من آبائي وأجدادي لم نسكن في بيت أجرة قط، بل كنا نسكن في بيوت نملكها.
وكانت معيشتنا جيدة، بالنسبة إلى أوضاع سائر النّاس، وكان يفضل من ماله فضلات يدائن بها الفلاحين وغيرهم من كبار أهل البادية.
ولكن دفتره ضاع مع الأسف وضاع معه أيضًا دفتر والده: جدي عبد الرحمن العبودي وكلاهما له مداينات على الآخرين.
وقد وجدت لوالدي أوراقا قليلة باقية من مداينات تصلح بمثابة النماذج لحالته.