للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذهب ابن حزم بأنه لا يجب على من أتى امرأة في حيضها إلا التوبة والاستغفار (١). واستدلوا بما قاله ابن عبد البر: وحجة من لم يوجب عليه كفارة إلا الاستغفار والتوبة، اضطراب هذا الحديث عن ابن عباس وأن مثله لا تقوم به حجة وأن الذمة على البراءة ولا يجب أنه لا يثبت فيها شيء لمسكين ولا غيره إلا بدليل لا مدفع فيه ولا مطعن عليه وذلك معدوم في هذه المسألة (٢).

وأما دليلهم من المأثور بأنه لا يجب عليه إلا التوبة والاستغفار فما ورد عن أبي قلابة أن رجلًا قال لأبي بكر الصديق: رأيت في المنام أبول دمًا قال: أنت رجل تأتي امرأتك وهي حائض فاستغفر الله ولا تعد (٣).

واعترض عليه بأنه لم يدرك أبو قلابة أبا بكر، ولكن صح هذا المعنى عن ابن سيرين وإبراهيم النخعي وقال عطاء: لم أسمع فيه بكفارة معلومة فليستغفر الله (٤).

واعترض عليه بأن هذا الحديث لا يصح عن رسول الله .

قال ابن عبد البر: وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ كَفَّارَةً إِلَّا الِاسْتِغْفَارَ وَالتَّوْبَةَ اضْطِرَابُ هَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَّ مِثْلَهُ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ وَأَنَّ الذِّمَّةَ عَلَى الْبَرَاءَةِ، ولا يجب ان يثبت فيها شيئ لِمِسْكِينٍ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ لَا مَدْفَعَ فِيهِ وَلَا مَطْعَنَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ مَعْدُومٌ فِي هَذِهِ


(١) وقال ابن حزم: من وطئ حائضًا فقد عصى الله وفرض عليه التوبة والاستغفار، ولا كفارة عليه في ذلك.
(٢) قال ابن حزم: إذا لم يصح في إيجاب شيء على واطئ الحائض فماله حرام، فلا يجوز أن يلزم حكمًا أكثر مما ألزمه من التوبة من المعصية التي عمل والاستغفار والتعزير لقول رسول الله : «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا».
(٣) ضعيف: للانقطاع بين أبي قلابة وأبي بكر، وقد رواه عبد الرزاق (١٢٧٠)، والدارمي (١١٠٢) عن أيوب.
(٤) أثر ابن سيرين أخرجه عبد الرزاق (١٢٦٧)، وإبراهيم عند عبد الرزاق (١٢٦٨)، والقاسم عند الدارمي (١٠٩٩) وعطاء عند عبد الرزاق (١٢٦٩) وكل هذه الآثار أسانيدها صحيحة.

<<  <   >  >>