للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُنْبِتْ، فَخُلِّيَ سَبِيلِي» (١).

في أسرى الحرب كان المسلمون لا يقتلون امرأة ولا صبيًّا، فكيف يُعرف الصبي من البالغ؟ يعرف بالإنبات.

وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ أَنْ لَا تَقْتُلُوا امْرَأَةً وَلَا صَبِيًّا وَأَنْ تَقْتُلُوا مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِي» (٢) أي حلق العانة.

العلامة الرابعة من علامات البلوغ: بلوغ تمام خمس عَشْرة سنة:

دل على ذلك ما ورد في الصحيحين، واللفظ لمسلم: عن نافع عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: عَرَضَنِي رَسُولُ اللهِ يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْقِتَالِ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي».

قَالَ نَافِعٌ: فَقَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ، فَحَدَّثْتُهُ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَحَدٌّ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. فَكَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَفْرِضُوا لِمَنْ كَانَ ابْنَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَاجْعَلُوهُ فِي الْعِيَالِ (٣).

واعترض عليه بما قاله ابن حزم: أَحَدُهُمَا: أَنَّ رَسُولَ الله لَمْ يَقُلْ: (إنِّي أَجَزْتهمَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا ابْنَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً)، فَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَاِحَدٍ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ مَا لَمْ يُخْبِرْ بِهِ عَنْ


(١) إسناده حسن: أخرجه أحمد (٤/ ٣١٠)، وأبو داود (٤٤٠٤)، والترمذي (١٥٨٤)، والنسائي (الكبرى) (٨٦٢١)، وابن ماجه (٢٥٤١)، وغيرهم من طرق (الثوري، وابن عيينة وشعبة وأبي عوانة وغيرهم» عن عبد الملك بن عمير به. وعبد الملك بن عمير ضَعَّفه أحمد، وقال ابن معين مرة مخلط. وقال مرة: ثقة إلا أنه أخطأ في حديث أو حديثين. وقال أبو حاتم: ليس بحافظ، وهو صالح الحديث تغير حفظه قبل موته. وقال النسائي: ليس به بأس. ووثقه ابن نمير والعجلي وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ: ثقة فصيح، عالم تغير حفظه، وربما دلس.
أما التدليس فقد صرح بالتحديث عند أحمد وغيره، وأما الاختلاط فقد روى عنه الثقات الأثبات كالثوري وابن عيينة وشعبة وقد روى له الجماعة، ورأيت من الجمع بين هذه الأقوال أن حديثه حسن والله أعلم.
(٢) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (٦/ ٤٨٧).
(٣) البخاري (٢٦٦٤)، ومسلم (١٨٦٨)، واللفظ لمسلم وليس في البخاري: فاجعلوه في العيال.

<<  <   >  >>