للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اسْتَطَاعَ مِنْكمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ» (١).

واعترض على هذا الحديث من وجهين:

الأول: ما قاله الحافظ ابن حجر: لَمْ أَرَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ فِي رِوَايَةِ أَحَدٍ مِمَّنْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُمْ عَشَرَةٌ، وَلَا مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ غَيْرَ رِوَايَةِ نُعَيْمٍ هَذِهِ. أي رواه الثقات بدونها (٢).

الثاني: ما قاله ابن القيم: لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ أَنَّهُ تَجَاوَزَ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ، وَلَكِنْ أَبُو هُرَيْرَةَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَيَتَأَوَّلُ حَدِيثَ إِطَالَةِ الْغُرَّةِ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي صِفَةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ أَنَّهُ غَسَلَ يَدَيْهِ حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدَيْنِ وَرِجْلَيْهِ حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقَيْنِ، فَهُوَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى إِدْخَالِ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ فِي الْوُضُوءِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى مَسْأَلَةِ الْإِطَالَةِ (٣).

القول الثاني: تشرع إطالة التحجيل دون الغرة (٤).

واستدلوا بأنه لا يمكن إطالة إلا في اليد والساق بخلاف الوجه، فإن الوجه يجب استيعابه.

القول الثالث: ذهب المالكية (٥) إلى أنه لا يشرع إطالة الغرة والتحجيل، واختاره من الحنابلة ابن القيم (٦).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ ﴿وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾


(١) «مسلم» (٢٤٦)، وروى «البخاري» (١٣٦)، و «مسلم» (٢٤٦) من طريق نعيم ولفظه: «إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ».
(٢) «فتح الباري» (١/ ٢٣٦).
(٣) «زاد المعاد» (١/ ١٩٦).
(٤) «المجموع» (١/ ٤٥٩).
(٥) «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (١/ ١٢٨)، «حاشية الدسوقي» (١/ ١٠٣).
(٦) «زاد المعاد» (١/ ١٩٦).

<<  <   >  >>