للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأرض انتهى، فأنشدته قول مهذب الدين بن سعد الدين الموصلي (٤٧) في مدحه في الشام فقال:

سقى دمشقَ وأيامًا مضت فيها … مواطرُ السُحبِ ساريها وغاديها

من كلِّ أدهمَ صهّالٍ له شِيَةٌ … صفرًا يُستّرها طورًا ويُبديها

ولا يزال جنين النَّبتِ يرضعه … حوامل المزن في أحشاء أرضيها

فما نضا حُبّه قلبي لربوتها (٤٨) … ولا قضى نحبه وُدّي لواديها

ولا تسليت عن سلسال ربوتها … ولا نسيت مبيتي جار جاريها

كأن أنهارها ماضي ظبا حشيت … خناجرًا من لجين في حواشيها

واهًا لها من حُلىً، الغيث عاطلها … مكللًا واكتسى الأوراق عاريها

وحاكَ في الأرض صوبُ المزن مخملةً … يُنيرها بعواديها ويُسديها

ديباجة لم يدع حُسنًا مفرِّقهَا … إلا أتاه وما أبقى مُوشّيها

ترنو إليك بعين النّوْر ضاحكةً … إذ بات عينٌ من الوسمي يبكيها

والدوحُ ريًّا لها ريا قد اكتملت … شبابها حينما شابت نواصيها

نشوى يُغنّي لها وُرقُ الحمام على … أوراقها ويدُ الأنواء تسقيها

صفا لها الشُّرْبُ فاخضرّت أَسافلها … حتى ضفا الظلّ فابيضت أعاليها

وصفّق النهرُ والأغصانُ راقصةٌ … فنقطة منه بدر من تراقيها

كأنما رقصها أَوْهَى قلائدَها … وخانها النظمُ فابتلت لآليها

وأعين الماءِ قد أجرتْ سواقيها … والأعينُ النجلُ قد جارت سواقيها


(٤٧) مهذب الدين بن سعد الدين الموصلي لعله الشاعر علي بن الحسين الموصلي المتوفي بدمشق سنة ٧٨٩ هـ - الأعلام ٥/ ٩١.
(٤٨) الربوة: أعظم منتزهات دمشق في غربيها [مقدمة القلائد الجوهرية ١٠ غوطة دمشق ٧١ وما بعد].

<<  <   >  >>