فقابل الغصنَ غصنٌ مثله وشدت … أقمارُها فأجابتها قماريها
ولّلواحظِ والأسماعِ ما اقترحت … من وجهِ شادنِها أو صوت شاديها
إذ الغريمة عن فرط الغرام ثَنت … قلبًا تثنّى لها غصنٌ فَيثنيها
ريمٌ إذا جليت حينا لواحظه … للنّفس حيا بخديه فيحييها
جنايةٌ طرفُه المخمورُ جانيها … وآسُ عارضه المخضرّ جانيها
تقبل الكاسَ شرعى كلما خجلت … في ماء فيه فقاسته بما فيها
أشتاق عيشي بها قدما وتذكرني … أيامي السودُ بيضا من لياليها
ونحن في جنة لا ذاق ساكنها … بؤسًا ولا عرفت بأسًا مغانيها
سماءُ دوحٍ تردُّ الشمس صاغرة … هذا وتبدي نجومًا في نواحيها
ترى البدورَ بها في كل ناحية … ممدودة من نجوم الزهر أيديها
إذا الغصون هززناها لنيل جنى … صارت كواكبها حصبا أراضيها
من كل صفراء مثل الماءِ يانعة … تخالها جمر نارٍ في تلظيها
شهيةُ الطّعم تحلو عند آكلها … بهيةُ اللون تحلى عند رائيها
ياليت شعري على بعدٍ أذاكرني … عصابةٌ لستُ طول الدهر ناسيها
عندي أحاديث وجد بعد بعدهم … أظل أجحدها والغَصُّ يبديها
كم لي بها صاحبٍ عندي له نعمٌ … كثيرة وأيادٍ ما أؤديها
فارقته غيرَ مختارٍ وصاحبني … صبابةٌ منه تخفيني وأخفيها
رضيت بالكُتْب بعد القربِ فانقطعت … حتى رضيت سلامًا في حواشيها
إن يعتلي غير ذي فضل فلا عجبٌ … تسمو على سابقات الخيل هابيها (٤٩)
والماء يعلوه أقذارٌ وذا زحلٌ أخفى … الكواكبِ نورًا وهو عاليها
لو كان جدٌّ مُجد، ما تقدمني … عصابةٌ قصّرت عندي مساعيها
(٤٩) الهابي: التراب قال الأصمعي تراب القبور. لسان العرب.