للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقابل الغصنَ غصنٌ مثله وشدت … أقمارُها فأجابتها قماريها

ولّلواحظِ والأسماعِ ما اقترحت … من وجهِ شادنِها أو صوت شاديها

إذ الغريمة عن فرط الغرام ثَنت … قلبًا تثنّى لها غصنٌ فَيثنيها

ريمٌ إذا جليت حينا لواحظه … للنّفس حيا بخديه فيحييها

جنايةٌ طرفُه المخمورُ جانيها … وآسُ عارضه المخضرّ جانيها

تقبل الكاسَ شرعى كلما خجلت … في ماء فيه فقاسته بما فيها

أشتاق عيشي بها قدما وتذكرني … أيامي السودُ بيضا من لياليها

ونحن في جنة لا ذاق ساكنها … بؤسًا ولا عرفت بأسًا مغانيها

سماءُ دوحٍ تردُّ الشمس صاغرة … هذا وتبدي نجومًا في نواحيها

ترى البدورَ بها في كل ناحية … ممدودة من نجوم الزهر أيديها

إذا الغصون هززناها لنيل جنى … صارت كواكبها حصبا أراضيها

من كل صفراء مثل الماءِ يانعة … تخالها جمر نارٍ في تلظيها

شهيةُ الطّعم تحلو عند آكلها … بهيةُ اللون تحلى عند رائيها

ياليت شعري على بعدٍ أذاكرني … عصابةٌ لستُ طول الدهر ناسيها

عندي أحاديث وجد بعد بعدهم … أظل أجحدها والغَصُّ يبديها

كم لي بها صاحبٍ عندي له نعمٌ … كثيرة وأيادٍ ما أؤديها

فارقته غيرَ مختارٍ وصاحبني … صبابةٌ منه تخفيني وأخفيها

رضيت بالكُتْب بعد القربِ فانقطعت … حتى رضيت سلامًا في حواشيها

إن يعتلي غير ذي فضل فلا عجبٌ … تسمو على سابقات الخيل هابيها (٤٩)

والماء يعلوه أقذارٌ وذا زحلٌ أخفى … الكواكبِ نورًا وهو عاليها

لو كان جدٌّ مُجد، ما تقدمني … عصابةٌ قصّرت عندي مساعيها


(٤٩) الهابي: التراب قال الأصمعي تراب القبور. لسان العرب.

<<  <   >  >>