للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: المراد لقد يكون الزمان بخيلا بهلاكه أى لا يسمح بهلاكه قط لعلمه بأنه سبب لصلاح العالم والزمان وإن سخا بوجوده وبذله للغير لكن إعدامه وإفناءه باق بعد فى تصرفه، قلنا: هذا تقدير لا قرينة عليه وبعد صحته فمصراع أبى تمام أجود لاستغنائه عن مثل هذا التكلف.

===

والمناسب صيغة الماضى بأن يقال: ولقد كان به الزمان بخيلا كما دلت عليه الجملة الاسمية من الأول؛ لأن أصلها الدلالة على الوقوع مع زيادة إفادتها الدوام والثبوت الشامل للمضى، وأيضا المراد أن الزمان كان بخيلا به حتى أعداه بسخائه فلا تناسب المضارعة، إذ لا معنى لكونه جاد به الزمان وهو بخيل به فى المستقبل؛ لأنه بعد الجود به خرج عن تصرفه فيه، إن قلت: المعنى وإن كان على المضى إلا أنه عدل للمستقبل قصدا للاستمرار أو لحكاية الحال الماضية كما تقرّ فى أمثاله، قلت: لما لم يحصل بخل الزمان بعد إعداء سخائه إياه لم يحسن حمل المضارع على الاستمرار ولا على حكاية الحال الماضية.

اهـ فنرى.

(قوله: فإن قيل) أى: فى الجواب عن كون بيت أبى الطيب دون بيت أبى تمام، وحاصله أنا لا نسلم أن بيت أبى الطيب دون بيت أبى تمام؛ لأن كلام أبى الطيب على حذف مضاف أى: ولقد يكون بهلاكه الزمان بخيلا وهلاكه استقبالى، وحينئذ فالتعبير بالمضارع واقع فى موقعه

(قوله: والزمان وإن سخا بوجوده إلخ) جواب عما يقال: إن السخاء بالشىء هو بذله للغير والزمان إذا سخا به فقد بذله فلم يبق فى تصرفه حتى يسمح بهلاكه أو يبخل، وحاصل الجواب أنا نسلم أن إيجاده لم يبق فى تصرفه بعد السخاء به لما فيه من تحصيل الحاصل، وأما إفناؤه فهو باق بعد فى تصرفه فله أن يسمح بهلاكه وأن يبخل به فنفى الشاعر ذلك

(قوله: باق بعد) أى بعد وجوده فى تصرفه أى:

فله أن يسمح بهلاكه وأن يبخل به فنفى الشاعر ذلك، والحاصل أن إيجاده وإعدامه كانا بيد الزمان فسخا بإيجاده ولم يسخ بإعدامه قط لكونه سببا لصلاح الدنيا

(قوله: قلنا هذا) أى: تقدير المضاف المذكور

(قوله: لا قرينة عليه) أى: فلا يصح وبعد صحته إلخ

(قوله: لاستغنائه عن مثل هذا التكلف) فعلى تقدير التصحيح بما ذكر لا يخرج به عن

<<  <  ج: ص:  >  >>