للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وإن كان) الثانى (مثله) أى مثل الأول (فأبعد) أى فالثانى أبعد (من الذم والفضل للأول كقول أبى تمام: لو حار) (١) أى تحير فى التوصل إلى إهلاك النفوس (مرتاد المنية) أى الطالب الذى هو المنية على أنها إضافة بيان (لم يجد، إلا الفراق على النفوس دليلا وقول أبى الطيب:

لولا مفارقة الأحباب ما وجدت ... لها المنايا إلى أرواحنا سبلا) (٢)

الضمير فى لها للمنية وهو حال من سبلا والمنايا فاعل وجدت، وروى يد المنايا فقد أخذ المعنى كله مع لفظة المنية والفراق والوجدان وبدل بالنفوس الأرواح.

===

المفضولية

(قوله: وإن كان الثانى مثله) أى: مثل الأول أى فى البلاغة

(قوله: فالثانى أبعد من الذم) أى: حقيق بأنه لا يذم فأفعل التفضيل ليس على بابه وإنما قلنا هكذا؛ لأن ظاهر العبارة يقتضى أن هناك بعيدا من الذم وهذا أبعد منه وليس كذلك

(قوله: دليلا) مفعول يجد الأول ومفعوله الثانى محذوف أى: لها (وقوله: إلا الفراق) استثناء من قوله دليلا (وقوله: على النفوس) متعلق بدليلا بمعنى طريقا، وفى الكلام حذف مضاف والمعنى لو تحيرت المنية فى وصولها لهلاك النفوس لم تجد لها طريقا يوصلها لذلك إلا فراق الأحبة.

(قوله: لولا مفارقة الأحباب) أى: موجودة

(قوله: وهو حال من سبلا) لأنه فى الأصل صفة لها فلما قدم صار حالا كما أن قوله: إلى أرواحنا كذلك، إذ المعنى سبلا مسلوكة إلى أرواحنا وقيل: إنه جمع لهاة وهو فاعل وجدت أضيفت للمنايا واللهاة اللحمة المطبقة فى أقصى سقف الحلق فكأنه يقول: لما وجد فم المنايا التى شأنها الاغتيال به إلى أرواحنا سبلا فأطلق اللهاة وأراد الفم لعلاقة المجاورة

(قوله: فقد أخذ المعنى كله) أى: فقد أخذ أبو الطيب فى بيته معنى بيت أبى تمام بتمامه؛ وذلك لأن محصل معنى البيتين أنه لا دليل للمنية على النفوس إلا الفراق أما الأول فواضح، وأما الثانى فلأن


(١) البيت لأبى تمام.
(٢) البيت لأبى الطيب المتنبى فى ديوانه ١/ ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>