(أى: كلامهم فى مجرى عرفهم فى تأدية المعانى) عند المعاملات والمحاورات (وهو) أى: هذا الكلام (لا يحمد) من الأوساط (فى باب البلاغة) لعدم رعاية مقتضيات الأحوال (ولا يذم) أيضا منهم؛ لأن غرضهم تأدية أصل المعنى بدلالات وضعية، وألفاظ كيف كانت، ...
===
بكلام صحيح الإعراب من غير ملاحظة النكات التى يقتضيها الحال، فإن قلت: إن متعارف الأوساط قد يختلف بأن يتعارفوا عبارتين عن معنى واحد إحداهما أزيد من الأخرى من غير زيادة فى المعنى، وحينئذ فما المعتبر منهما وإن اعتبرا لم تتمايز الأقسام قلت: سيأتى رد هذا بأن الأوساط ليس فى قدرتهم اختلاف العبارات بالطول والقصر؛ لأنهم إنما يعرفون اللفظ الموضوع للمعنى فعبارتهم محدودة بذلك، واختلاف العبارة بالطول والقصر إنما يكون من البلغاء بسبب تصرفهم فى لطائف الاعتبارات
(قوله: أى كلامهم فى مجرى عرفهم) فى بمعنى عند والمجرى مصدر بمعنى الجريان والعرف بمعنى العادة أى: كلامهم عند جريانهم على عادتهم، أو أن إضافة مجرى للعرف من إضافة الصفة للموصوف أى: كلامهم على حسب عادتهم الجارية فى تأدية إلخ
(قوله: عند المعاملات) متعلق بمحذوف أى: التى تعرض لهم الحاجة إلى تأديتها عند المعاملات والمحاورات أى: المخاطبات أعم من أن تكون تلك المخاطبة فى معاملة أو لا
(قوله: أى هذا الكلام) أى: المتعارف بين الأوساط
(قوله: من الأوساط) قيد بذلك؛ لأنه قد يحمد من البليغ؛ لأنه يورده لكونه مقتضى المقام بأن يكون المخاطب من الأوساط
(قوله: فى باب البلاغة) أى: بحيث يعد بليغا
(قوله: لعدم رعاية مقتضيات الأحوال) أعنى:
اللطائف والاعتبارات
(قوله: ولا يذم أيضا منهم) أى: بحيث يعد مخلا، وقيد بقوله منهم: للاحتراز عن البلغاء، فإن كلام الأوساط قد يذم بالنسبة لهم إذا لم تراع فيه مقتضيات الأحوال، وبتقييد الشارح بالأوساط اندفع ما يقال: إن كلام أهل العرف إن كان رتبة وسطى بين الإيجاز والإطناب، فإما أن يكون هو المساواة أو لا، فإن كان هو المساواة فهى محمودة إن طابقت مقتضى الحال، ومذمومة إن لم تطابقه؛ لأن كل ما خرج عن أصل البلاغة التحق بأصوات البهائم- فكيف يقول المصنف إن كلام الأوساط