للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(والتهديد) أى: التخويف وهو أعم من الإنذار لأنه إبلاغ مع التخويف،

===

فأبيح له مجالستهما وتفارق الإباحة التخيير الذى قد تستعمل فيه صيغة الأمر أيضا، ويمثلون له بنحو هذا التركيب بأنه لا يجوز الجمع بين الأمرين فى التخيير دون الإباحة، ثم إن ظاهر المصنف كالأصوليين أن مفيد الإباحة هو الصيغة وأو على هذا قرينة على ذلك وعند النحويين أن مفيد الإباحة أو، ولكن التحقيق أن المستفاد من الصيغة مطلق الإذن، والمستفاد من أو الإذن فى أحد الشيئين أو الأشياء، وما وراء ذلك من جواز الجمع بينهما وامتناعه إنما هو بالقرائن

(قوله: والتهديد) وذلك إذا استعملت صيغة الأمر فى مقام عدم الرضا بالمأمور به والعلاقة بين الطلب والتهديد الموجبة لاستعمال لفظه فيه ما بينهما من شبه التضاد باعتبار المتعلق؛ وذلك لأن المأمور به إما واجب، أو مندوب، والمهدد عليه إما حرام، أو مكروه، ولهذا يقال التهديد لا يصدق إلا مع المحرم والمكروه، وقرر بعضهم: أن العلاقة بينهما السببية؛ لأن إيجاب الشىء يتسبب عنه التخويف على مخالفته أو المشابهة بجامع ترتب العذاب على كل من الأمر والتهديد عند الترك، ولا يخفى تقرير الاستعارة

(قوله: أى التخويف) يعنى مطلقا سواء كان بمصاحبة وعيد مبين أو مجمل، فالأول كأن يقول السيد لعبده: دم على عصيانك، فالعصا أمامك، والثانى كما فى قوله تعالى:

اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ (١) أى: فسترون منا ما هو أمامكم، فهذا يتضمن وعيدا مجملا، وإنما كان هذا تهديدا لظهور أنه ليس المراد أمرهم بكل عمل شاءوا؛ ولأن قرائن الأحوال دالة على أن المراد الوعيد لا الإهمال

(قوله: وهو أعم من الإنذار) أى:

فيكون الإنذار داخلا فى التهديد، فلذا لم ينص عليه

(قوله: لأنه إبلاغ إلخ) أى: لأن الإنذار إبلاغ مصحوب بالتخويف وكان الأوضح؛ لأنه تخويف مع إبلاغ، وذلك كما قيل فى قوله تعالى: قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٢) فصيغة تمتعوا مع ما بعدها تخويف بأمر مع إبلاغه عن الغير، والتهديد هو التخويف مطلقا سواء كان مصحوبا بإبلاغ أو لا بأن كان من عند نفسه فيكون أعم من الإنذار؛ لأنه تخويف مقيد والمقيد


(١) فصلت: ٤٠.
(٢) إبراهيم: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>