للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى الصحاح: الإنذار تخويف مع دعوة (نحو: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ (١)) لظهور أن ليس المراد الأمر بكل عمل شاءوا (والتعجيز، نحو: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ (٢)) إذ ليس المراد طلب إتيانهم بسورة من مثله لكونه محالا، والظرف؛ أعنى: قوله:

مِنْ مِثْلِهِ متعلق ب فَأْتُوا ...

===

أخص من المطلق

(قوله: وفى الصحاح إلخ) حاصله أن التهديد أعم من الإنذار؛ لأن الإنذار تخويف مع دعوة لما ينجى من المخوف، وأما التهديد: فهو تخويف مطلقا، فالإنذار أخص من التهديد على ما فى الصحاح، وكذا على ما قبله، لكن الفرق بين ما فى الصحاح وما قبله من جهة أن الإنذار على ما فى الصحاح لا يكون إلا من الرسول لكونه اعتبر فى مفهوم الدعوة، والإنذار على ما قبله يكون من الرسول ومن غيره؛ لأنه اعتبر فى مفهومه الإبلاغ وهو أعم من الدعوة؛ لأنه يكون من الرسول ومن غيره؛ لأنه يقال لمن أعلم قوما بأن جيشا يصحبهم إنه أنذرهم ولو لم يرسل بذلك

(قوله: والتعجيز) أى: أن صيغة الأمر قد تستعمل للتعجيز وذلك فى مقام إظهار عجز من يدعى أن فى وسعه وطاقته أن يفعل مثل الأمر الفلانى؛ لأنه إذا حاول فعله بعد سماع صيغة الأمر، ولم يمكنه فعله ظهر عجزه حينئذ.

(قوله: لكونه محال) أى: لكون الإتيان بسورة من مثله محالا من جهة أن ذلك خارج عن وسعهم وطاقتهم، فإذا حاولوا بعد سماع الصيغة ذلك الإتيان ولم يمكنهم ظهر عجزهم، فإن قلت لم لا يكون المراد هنا من الصيغة الطلب، وغايته أنه من التكليف بالمحال لاستحالة وجود الإتيان من المثل والتكليف بالمحال جائز أو واقع قلت القرائن هنا تعين إرادة التعجيز لإقامة الحجة عليهم فى تلك الآيات، والعلاقة بين الطلب والتعجيز ما بينهما من شبه التضاد فى متعلقهما، فإن التعجيز فى المستحيلات والطلب فى الممكنات أو السببية؛ لأن إيجاب شىء لا قدرة عليه يلزم التعجيز عنه

(قوله: متعلق بفأتوا) أى: فهو ظرف لغو والضمير لعبدنا أى: تعيينا، والمعنى حينئذ: وإن كنتم فى ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا من شخص مماثل لعبدنا فى كونه أميا لا يكتب بسورة،


(١) فصلت: ٤٠.
(٢) البقرة: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>