وكان فى وقت القبض عليه أشد الناس قياما فى إفساد صورته الشريف شرف الدين على بن الحسين نقيب الأشراف، والشريف أبو العباس الصفراوى، وناظر الخاص والصواف، واستدار الأمير صرغتمش، فأول ما فتحوه من أبواب المكايد أن حسّنوا لصرغتمش أن يأمر بالإشهاد عليه أن جميع ماله من الأملاك والبساتين والأراضى الوقف من مال السلطان دون ماله، فصيّر إليه ابن الصدر عمر وشهود الخزانة فأشهد عليه بذلك، ثم كتبوا فتيا فى رجل يدعى الإسلام، ويوجد فى بيته كنيسة وصلبان وشخوص من تصاوير النصارى ولحم الخنزير، وزوجته نصرانية، وقد رضى لها بالكفر، وكذلك بناته وجواريه، وأنه لا يصلى ولا يصوم ونحو ذلك، وبالغوا فى تحسين قتله، حتى قالوا لصرغتمش: والله لو فتحت جزيرة قبرص، ما كتب لك أجر من الله بقدر ما يأجرك الله على ما فعلته مع هذا، فأخرج فى باشا وزنجير، /وضرب فى رحبة فاعة الصاحب من القلعة بالمقارع، وتوالت عقوبته، ثم صار توجيهه إلى قوص، فأقام بها إلى أن مات يوم الأحد سابع عشر ذى القعدة سنة أربع وخمسين وسبعمائة، وكانت مدة شدته ثلاثة أشهر انتهى باختصار.
وفى المقريزى أيضا أن مصر شرقت بقصور مد النيل سنة ست وثمانمائة، فدهى أهل الصعيد من ذلك ما لا يوصف، حتى إنه مات من مدينة قوص سبعة عشر ألف إنسان، ومات من مدينة أسيوط أحد عشر ألف إنسان ممن غسل وكفن، ومن مدينة هوّ خمسة عشرة ألف إنسان، سوى الطرحى على الطرقات، ومن لا يعرف من العرب ونحوهم، وتعطل من قوص فى الشراقى مائة وخمسون مغلقا - والمغلق عندهم بستان أقله عشرون فدان - وللمغلق ساقية بأربعة وجوه، وذلك سوى ما تعطل مما هو دون ذلك، وهو كثير جدا، حتى تلاشى أمرها، وأمر كثير من البلاد.