وفى سنة ثمانمائة وثمان عشرة قامت العرب الأحمدية، وقتلوا حاكم قوص، وفى تاريخ بطاركة الإسكندرية ذكر اثنين من أساقفتها، وهما تيدور ومرقورا، وفى زمن الأب سيكار كان أسقف نقادة وقفط وقوص وإبريم واحدا، وتكلم أبو صلاح على جملة كنائس فى أرض قوص، ثم قال: ومن خواص مدينة قوص كثرة سام أبرص بها والعقارب القتالات، وكان يقال أن بها أكله العقرب، لأنه كان لا يرجى لمن لسعته حياة، واجتمع بها مرة فى يوم صائف على حائط المسجد صفا واحد سبعون سام أبرص، وكان لا يمشى الإنسان فى حاراتها فى ليالى الصيف إلا ومعه مصباح ومشك يقتل به العقارب، وقال إن معنى كلمة قوص باللغة القبطية الدفن، وسميت به لأنه كان من أهلها أناس مخصوصون بدفن الملوك، ووافقه على ذلك كترمير إذ قال إن هذه الكلمة مصرية ومعناها الدفن.
ثم إنه كان فى هذه المدينة قوم لهم معرفة تامة بصيد الثعابين والحيات والعقارب بواسطة عزائم وأقسام سحرية، يقرءونها عليها، ويسلطونها على من شاءوا متى شاءوا، فتتبعه بكل جهد ولا ترجع عنه إلا إذا أمرت بالرجوع، فكأنهم طائفة الحواة فى القطر المصرى، ويؤيد ذلك ما حكاه المقريزى عن الأمير تكتباى حاكم قوص فى زمن السلطان محمد بن قلاوون، أنه أوقف ذات مرة امرأة ساحرة أو حاوية، وأمرها أن تريه شيئا من عجيب صناعتها، فأخبرته أن سرها الأكبر أن تسحر العقارب وتحركها لما شاءت، فإذا سمت لها شخصا ذهبت إليه، ولا تتعداه فتلدغه وتهلكه، فقال لها أرينى ذلك، وأرجوك أن تجربى فىّ، فأتت بعقرب وتلت عزائمها عليها، ثم أطلقتها فانطلقت وراءه وهو يزوغ منها بجهات شتى، حتى كادت تلدغه، فهرب منها وجلس على كرسى وسط حوض مملوء بالماء، فوقفت على حافته تراود نفسها فى خوضه، ثم جرت على الحائط ومشت بالسقف حتى صارت موازيه