ما فيها من أوانى الخمر، وكان الناصر محمد قد أسكن بها الأسارى المأمورين عند مجيئه من الكرك، فكثر عددهم، وأكثروا من اعتصار الخمر حتى بلغت جرار الخمر الذى اعتصروه فى سنة واحدة اثنين وثلاثين ألف جرة، وتظاهروا ببيع الخمر، فقصدهم أهل الفسوق من الرجال والنساء والمردان، وصارت حانة يعلن فيها بأنواع الفواحش، من الزنا واللواط والقمار وشرب الخمر، وانفسد بها كثير من نساء الناس وأولادهم، ولم يقدر أحد على إنكار ذلك، فنزل إليها الوالى والحاجب، وأزالوا ما كان بها من الفساد وهدموها كلها، واشترى الأمير قمارى أرضها فحكرها، وبنيت بها الدور وزال بذلك فساد كثير، ومنع من نصب الخيم على شاطئ النيل، /وكانت من أعظم المفاسد، فانكف الناس عن التظاهر بالمعاصى فى ولايته، إلى أن تولى الكامل شعبان، فأخرجه إلى دمشق نائبا، ثم تولى صفد نائبا بها فى آخر ربيع الآخر سنة سبع وأربعين وسبعمائة، ثم سأل فى الحضور إلى مصر فرسم له بذلك، فلما وصل إلى غزة أمسكه نائبها، وجهز إلى الإسكندرية فى السنة المذكورة فخنق بها، وكان خيرا فيه دين وعبادة، يميل إلى أهل الخير والصلاح، وله آثار بطريق الحجاز، من جملتها هذان البئران، وبهما للوفد نفع كثير خصوصا فى الرجعة عند عدم الماء بأرض الوجه وطول المسافة فى عدم الماء الذى يسوغ شربه.
ومن المتجددات فى مناهل درب الحاج ما عرض فى أمره، وأمر به الباشا المفخم على أغا عند ولايته باشا بالديار المصرية فى عام سبع وستين وتسعمائة، فجهز صاحبنا الأمير قيت بن عبد الله الداوودى كتخدا جماعة العسكر الجراكسة، وأحد الأعيان الموصوف بالفروسية والشجاعة والهمة، وهو من مماليك المرحوم السلطان قانصوة الغورى، إلى عمارة حصار كبير ومعقل خطير يكون بالمويلح موئلا