العشاء بأربعين درجة، وسار إلى المويلح ويسمى: النبك عند أهل الدرك، يسير إليها أولا بين كهوف وجبال، ثم محجر وحدرات متعددة ومحاطب شجر، وكان وصوله إليها قبل الشمس بخمس درج، ومدة سيره مائة وأربعون درجة لدخول الصنجق والمحطة بجانب البحر الملح، وبها صيادون للسمك فى قوارب لطاف، ويجلب إليها الدقيق والفول والفاكهة من الطور صحبة النصارى للبيع على الحجيج كالعيون، ويحصل بذلك رفق للركب، ويوجد بها الحشيش لعلوفة الجمال والأغنام فى الغالب تجلبه العرب، والسراق بها كثيرون خصوصا ليلا، لكثرة محاطب الشجر وأكثر ذلك فى حالة الإياب، فقد شاهدنا ذلك كثيرا ومرت لنا أوقات فى كتابة وقائع الحجيج بهذه المنزلة بالرجعة متعددة فليتنبه لذلك أمير الركب، وجبل الشار بها، ويرى من يومين متقدما ومتأخرا، أو الظاهر أن المنزلة سميت باسم مائها المورود قديما، فإن الشيخ محب الدين العطار قال: وبها بئران ماؤهما قليل الحلاوة للحاج آل ملك.
(وأقول): إن المويلح وصف للماء تصغير مالح، وهو كذلك عند قلة الأمطار، وأما عقب السيول فيميل إلى عذوبة يسيرة لكنه ثقيل.
وأما آل ملك فإنه صاحب الجامع الذى فى خارج باب النصر، وهو الأمير سيف الدين، أصله ممن أخذ فى أيام الملك الظاهر بيبرس من كسب الأبلستين لما دخل فى بلاد الروم في سنة ست وسبعين وستمائة، وصار إلى الأمير سيف الدين قلاوون، وهو أمير قبل سلطنته، فأعطاه لابنه الأمير على، ولا زال يترقى فى الخدم إلى أن صار من كبار الأمراء المشايخ ورؤوس المشورة فى أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون، وولى نيابة حماة ثم ولى نيابة السلطنة بقلعة الجبل، فأول شئ بدأ به أن بعث والى القاهرة إلى خزانة البنود فكسر