للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقال: إنه فى واد قفر مشحون بالصخور صعب المسالك، ولا يراه السائر إليه حتى يقرب منه لاختلاطه بالجبال، وهو مسور بسور مربع الشكل، مرتفع وبابه معلق على ارتفاع ثلاثين قدما من الأرض ويصعد إليه بواسطة بكرة وحبال، والنزول منه كذلك، قال: لما وصلنا الى أسفل السور أشرف علينا كبير الدير وعدة من الرهبان، ووقفوا بالباب وسألونا عما نريد، وبعد محاورات طويلة ظهر لهم أنا من إخوانهم على دين النصرانية، فلما تحققوا ذلك نزل القسيس إلينا وصعدنا إلى الدير، واحدا واحدا، فوجدنا داخل الدير أشبه شئ بقرية من قرى الأرياف، وبيوته تتركب من أودتين، سفلى وعليا، يتوصل إليها بسلم من الخشب، وفى كل بيت راهب، وفى وسط الدير ثلاث كنائس إحداها بينها وبين برج هناك ساباط من الخشب موصل بينهما، وفى ذلك البرج مؤناتهم ولوازمهم، وفى الدير خمسة وثلاثون راهبا، منهم عشرة قسيسون لا يحسن القراءة والكتابة إلا أربعة منهم، وصلواتهم باللغة القبطية يتلفظون بها ولا يفهمون معناها، ويدخلون الكنيسة فى اليوم والليلة أربع مرات، وكنيستهم وسخة، وبها كتبخانة تشتمل على ثلاثة عشر مجلدا من كتب القبط، ويتعبدون على طريقة أنطونيوس، ويمتنع عندهم أكل اللحم، وتعيشهم من الحسنة، ففى كل ستة أشهر يرسل بطرك مصر حسنات إلى الديورة التى من ضمنها هذا الدير، وفى آخر سوره جنينة صغيرة يزرعون فيها بعض الخضر وفيها قليل نخيل، وعند الدير عينان ماؤهما عذب صالح للشرب، ولعلهما كانا هما السبب فى اختيار هذا الموضع، إحداهما فى داخل السور والأخرى خارجه تستقى منها العرب، ودرجة حرارة مائهما سبع عشرة درجة مئينية، انتهى.

وقال سوارى أن محيط هذا الدير ربع فرسخ، وأن الماء الوارد إليه من الجبل يدخل إليه من قناة، وعليه تزرع الرهبان الخضر وبعض أشجار الفاكهة، وغالب أوقات الرهبان صيام، ولا يتعاطون النبيذ إلا أربعة أيام فى السنة، وهى أيام المواسم، ويأكلون القرص المعجونة بزيت السمسم والسمك المالح