من الافرنج أيضا بعمل وابور الماء الذى عم جميع جهات المدينة حتى تمتعت الأهالى بماء النيل بلا كبير ثمن ولا مشقة.
وكل ذلك غير الأعمال الجسيمة التى أجريت فى جهات القطر مثل ما تجدد بالإسكندرية، مما بيناه فى الكلام عليها، وما تجدد بالسويس من عمل المينا والحوض والمحافظة وشركة الماء، وما رسم فى المديريات من عمل الدواوين والجسور والقناطر والترع، التى من أعظمها ترعة الإبراهيمية وترعة الإسماعيلية، التى حفرت بالمقاولة.
فهذه الأعمال جميعها أو أكثرها كنت أباشر أوامرها من رسومات وشروط مع المقاولين ونحو ذلك ضرورة تعلقها بديوان الأشغال. فكنت فى مدة إحالة هذه الدواوين علىّ مشغولا بالمصالح الميرية وتنفيذ الأغراض الخديوية ليلا ونهارا، حتى لا أرى وقتا التفت فيه لأحوالى الخاصة بى، ولا أدخل بيتى إلا ليلا، بل كنت أفكر فى الليل فيما يفعل بالنهار ولا سيما وأعمال القنال المالح كانت قد تمت، وكان الخديوى قد صمم لتمامها على عمل مهرجان، ودعا لذلك كثيرا من ملوك أوروبا وسلاطينها وعظمائها، وهذه الحالة تستدعى استعداد السكك الحديد وعرباتها وتهيئة المدينة لدخولهم، فكنت مع النظر فى أحوال تلك الدواوين مشغول الفكر دائم السفر فى مصالح هؤلاء المدعوين إلى أن انقضى جميع ذلك على أحسن حال، وأحسن إلينا من طرف الخديوى بالنيشان المجيدى من الرتبة الأولى، وأهدى إلينا من طرف قرال النيمسا نيشان (غرانقوردون)، ومن طرف قرال فرنسا نيشان (كماندور)، ومن دولة البروسيا نيشان (غرانقوردون) وغير ذلك من النياشين.
وقد بقيت تلك المصالح تحت يدى إلى رمضان/سنة ثمان وثمانين، ثم انفصلت عن ديوان السكة، ثم عن المدارس والأشغال بعد أيام قلائل، ثم عن الأوقاف بعد مضى قليل من شوّال من تلك السنة، وكانت أسباب الانفصال أن ناظر المالية إذ ذاك وهو المرحوم إسماعيل باشا صديق كان قد رغب أن يضم إيراد السكة الحديدية إلى المالية، وحصل الكلام بيننا فى ذلك، فقلت له: لا مانع وإنما يكون الصرف على السكة الحديدية تابعا للمالية حينئذ، ولا أكون مسئولا إلا بمجرد إدارتها بشرط أن يصدر أمر الخديوى