بذلك حتى لا يعود علىّ سؤال فيما عساه أن يحصل من الضرر، فلم يوافق ذلك أغراضه ورمى فىّ بمارمى فترتب عليه ما ترتب، لكنى لم أقم فى بيتى إلا نحو شهرين ثم صدرت الأوامر الخديوية فى يوم عيد الأضحى بجعلى ناظرا على ديوان المكاتب الأهلية، وأمرت بتنظيم ديوانها وعمل رسومات لتجديد مكاتب فى مدن الأرياف وبلادها، كل على حسبه وما يناسبه لعلم الخديوى أن مكاتب الأرياف غير مستوفية لدواعى الصحة ولا لشروط النجاح فى التعليم، فرسمت ذلك وألحقت به تقريرا لبيان ما يلزم اتباعه فى جميع المكاتب بحسب الأهمية، وكان الغرض عمل أنموذج فى كل جهة ليجرى البناء على مثله، لكن عرضت عوارض أخرت ذلك.
وفى شهر ربيع الأول من سنة تسع وثمانين أحيل علىّ نظر الأوقاف ثانيا، وبعد قليل أحيل علىّ نظر ديوان الأشغال، فلم يمض إلا يسير، وتحوّلت نظارة هذه الدواوين على نجل الخديوى إسماعيل باشا دولتلو حسين كامل باشا، فبقيت بمعيته بوظيفة مستشار. وفى جمادى الآخرة سنة تسعين انفصل ديوان الأشغال بنفسه تحت رياسة المشار إليه وجعلت وكيله، وفى شهر شعبان من هذه السنة جعلت عضوا فى المجلس الخصوصى، وبعد قليل انفصلت عن الخصوصى بسبب ما ألقاه إليه الواشون كاسماعيل باشا صديق وأضرابه من أن كتابنا (نخبة الفكر) الذى أمرنى بتأليفه فيما يتعلق بأمر النيل مشتمل على ذم الحكومة الخديوية وتقبيح سياستها، فأقمت فى بيتى مع جريان الماهية علىّ من المالية.
ثم فى شهر صفر سنة إحدى وتسعين، جعلت رئيس أشغال الهندسة بديوان الأشغال مذ كان هذا الديوان ملحقا بديوان الجهادية تحت نظارة دولتلو حسين باشا المشار إليه، ولما انفصل ديوان الأشغال من ديوانه الجهادية ألحق بديوان الداخلية تحت نظارة نجله الأكرم الأكبر الجناب التوفيقى الخديوى الأفخر. وكان إذ ذاك ولىّ عهد الحكومة الخديوية المصرية.