الظهر إلى الغروب للنظر فيما يتعلق به وقد أجريت فى تنظيم السكة ومحطاتها ما ذكرت بعضه فى الكلام على الإسكندرية فانظره (١).
وجعلت من الصبح إلى الظهر لباقى المصالح، وكنت قد تحصلت على الإذن بنقل المدارس من العباسية إلى القاهرة رفقا بالتلامذة وأهليهم، لما كان يلحقهم فى الذهاب إلى العباسية من المشاق والمصرف الزائد، فأحسن إلى المدارس بسراى درب الجماميز التى كانت قد اشتريت من المرحوم مصطفى باشا فاضل، فنقلت إليها التلامذة وأجريت فيها تصليحات لازمة للمصالح، وجعل السلاملك للديوان ووضعت كل مدرسة فى جهة من السراى، وجعل بها أيضا ديوان الأوقاف وديوان الأشغال، فسهل علىّ القيام بها
وكانت كثرة أشغالى لا تشغلنى عن الالتفاف إلى ما يتعلق بأحوال التلامذة والمعلمين، فكنت كل يوم أدخل عندهم بكرة وعشيا عند غدوى من البيت ورواحى، وأعملت فكرى فيما يحصل به نشر المعارف وحسن التربية.
وكانت المكاتب الأهلية فى المدن والأرياف جارية على العادة القديمة، ليس فيها على قلة أهلها إلا تعليم القرآن الشريف، وأقل من القليل من يتممه منهم، ويجيد حفظه ويجوده ويحسن قراءته، مع رداءة الخط فى عامة المكاتب المذكورة، فاستحسنت اجراءها على نسق المدارس المنتظمة فحررت لائحة بتنظيمها وترتيبها على الوجه الذى عليه، ودعوت إلى النظر فى هذا الترتيب جماعة من أعلام العلماء والأعيان النبهاء، فنظروا فيه واستحسنوه ووضعوا خطوطهم عليه، وصدر الأمر الخديوى بالإجراء على حسبه، ورتب مفتشون لرعاية العمل بموجبه. وأنشئت مدارس مركزية فى بعض مدن القطر كأسيوط والمنية وبنى سويف وبنها، وانتخب لكل منها المعلمون والضباط وعين لها سائر الخدمة ورتبت بها أدوات التعليم، ورغب الناس فى تعليم أولادهم بها وكثرت فيها الأطفال.
(١) انظر الجزء السابع من الخطط التوفيقية، الطبعة الثانية. الهيئة المصرية العامة للكتاب،١٩٧٨.