وأنشئ فى القاهرة والإسكندرية بعض مكاتب على هذا الأسلوب مثل مكتبى القربية أحدهما للبنات والآخر للأطفال الذكور، ومكتب الجمالية، ومكتب باب الشعرية، ومكتب البنات بالسيوفية.
ولأجل استفادة الأوقاف وتكثير إيرادها مع تخفيف المصرف على الحكومة، كان بناء هذه المكاتب فى عقارات الأوقاف وعلى طرفها، وربط لها على المكاتب إيجار يدخل خزينة الأوقاف، وأجريت الاصلاحات اللازمة فى المكاتب القديمة فغيرت بعض مبانيها وأوضاعها الأصلية إلى حالة تصلح لما صارت إليه المكاتب من النظام، وترتبت لها النظار والمعلمون وأدوات التعليم ونحو ذلك، وجعلت المصاريف اللازمة للمدارس والمكاتب جارية على وجه يستوجب انتظامها مع خفة المصرف على الديوان، فجعل على أهالى التلامذة المقتدرين شئ من النقود يؤخذ منهم برغبتهم كل شهر على حسب اقتدارهم من غير تثقيل عليهم استمالة لقلوبهم واستدعاء لرغبتهم، وجعل لذلك استمارة حفظت فى المدارس وفى كل مكتب، وباقى المصروف يصرف من حاصلات الأوقاف الخيرية الموقوفة على المكاتب وغيرها من وجوه الخيرات والمبرات، وأطيان الوادى بمديرية الشرقية، وكان قد أحسن على المكاتب الأهلية بهذه الأطيان وبعض أملاك آلت إلى بيت المال من بعض التركات، فكان من هذه الموارد يصرف كل ما يلزم لهذه المكاتب بعد الإيرادات الجزئية المتحصلة من ذوى الاقتدار من أهل التلامذة، وكان القصد تعويد الناس على الصرف على أولادهم بالتدريج شيئا فشيئا حتى لا يبقى مع توالى الأزمان على الحكومة إلا ما يختص بالمدارس الخصوصية كالمهندسخانة والطب والإدارة ونحوها، وأما باقى المدارس فيكون الصرف عليها من الأهالى والأوقاف والأملاك المذكورة إذ بذلك تدوم الرغبة وتتسع دائرة التعليم.
وقد تأسس هذا المشروع وثبت، وسرت فيه إلى أن انفصلت عن المدارس، وحصلت منه نتائج حسنة وخرّج من التلامذة الذين تربوا بالمدارس فى مدتنا جم غفير توظفوا بالوظائف الميرية الشريفة ملكية وحربية وانتفعوا وانتفع بهم.
ثم لأجل تسهيل التعليم على المعلمين والمتعلمين. وصون ما تعلموه من الذهاب،