للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت سفرة مفيدة اغتنمت فيها فرصة الاطلاع على ما بهذه المدينة وقتئذ من المدارس والمكاتب الجمة، واستحوذت على فهارس تعليماتهم والاطلاع على كتبهم المطبوعة هناك، وتفرجت على مجاريها العمومية المعدة لقذف القاذورات والسائلات بها وهى عبارة عن مبان متسعة عظيمة الارتفاع تحت شوارع المدينة، معقودة من أعلاها يتوصل إليها بسلالم فى فتحات مخصوصة فى الشوارع يدخل منها النور والهواء، وفى جنبيها حوالى المجرى مصطبتان تمشى عليهما الشغالة والفعلة، وينصب فى المجرى قاذورات المراحيض والمطابخ وغيرها، وماء الأمطار ونحوها بكيفية مدبرة بحيث لا يشم لها رائحة-مع كثرة ما يسيل فيها-وقد ركبنا صندلا يسير فى ذلك المجرى معدا لتنظيف المجرى وقذف ما به من المواد التى تعطل جرى الماء، وذلك أنه مصنوع بقدر المجرى وبه جرافة من أمامه ودولاب، فإذا أرادوا تسييره يديرون الدولاب فينحط الصندل نحو القاع بقدر ما يريدون فيرتفع الماء خلفه زيادة عن الأمام مع الانحدار الأصلى للمجرى، فيندفع الصندل مسرعا فى السير فيطرد أمامه كل ما لاقاه، وجميع هذه المواد تتدفق فى نهر السين المار فى المدينة فى محل بعيد/جدا عن المساكن، فيالهذا العمل من عمل نافع تخلصت به المدينة من مياه الأمطار الغزيرة الواردة عليها فى زمن الشتاء مع التخلص من القاذورات والروائح الكريهة التى لا تخلو منها الأمصار لا سيما المدن الكبيرة.

ثم بعد قليل من عودتى أحسن إلىّ فى سنة خمس وثمانين برتبة مير ميران وأحيلت إلى عهدتى إدارة السكك الحديدية المصرية وإدارة ديوان المدارس وإدارة ديوان الأشغال العمومية.

وفى شهر شوّال من تلك السنة انضم إلى ذلك نظارة عموم الأوقاف، كل ذلك مع بقاء نظارة القناطر الخيرية والتحاقى برجال المعية، فبذلت جهدى وشمرت عن ساعد جدى فى مباشرة تلك المصالح فقمت بواجباتها.

وبسبب اتساع ديوان السكة الحديدية وكثرة أشغاله كنت أذهب إليه من بعد