للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونفاد ما استحوذت عليه، فآثرت حرفة التجارة على حرفتى الأصلية، وصرفت النظر عن الخدمة الأميرية وقام/بخاطرى أن أعقد شركة مع بعض المهندسين المتقاعدين مثلى على أن نبنى بيوتا للبيع والتجارة ونستعمل فيها أفكار الهندسة، فلم أر من يوافقنى فهممت بالقيام بذلك بنفسى وشرعت فى العمل.

وبينما أنا فى حوالك هذه الأحوال أروم التخلص من تلك الأوحال إذ طرق المرحوم سعيد باشا طارق المنون فتوفى فى سنة تسع وسبعين ومائتين وألف، وقام بأعباء الحكومة بعده حضرة الخديوى إسماعيل باشا فألحقنى بمعيته زمنا.

ثم تعينت لنظارة القناطر الخيرية وكانت إلى ذلك العهد لم تقفل عيونها بالأبواب، مع أن أبواب بحر الغرب كانت مرتبة من زمن المرحوم سعيد باشا، وصرف عليها مبالغ جسيمة من طرف الحكومة، وكان المانع من إقفالها ما قرره المهندسون من منع ذلك إلى أن يجرى ترميمها وتقويتها لعدم جزمهم بمتانتها مع اضطراب آرائهم.

وكان أكثر النيل يمر من بحر الغرب، وأخذ فى التحوّل عن بحر الشرق حتى كان فى زمن الصيف لا يدخل فى الترع الآخذة منه إلا القليل من الماء، وترتب على ذلك قلة زمام المنزرع الصيفى فى الجهات التى تسقى من هذا البحر، وتعطلت بسبب ذلك منافع كثيرة.

وكان الخديوى كثيرا ما يتردد إلى القناطر الخيرية ويقيم بها فى كل مرة عدة أيام ويعتنى بأمرها، وفى ذات مرة خاطبنى فى شأنها وفيما يلزم اجراؤه لتحويل النيل إلى بحر الشرق الذى عليه أفواه أكثر الترع وعليه مدار ثروة أهالى تلك الجهات، فقلت: إن من ألزم الأمور وأنفعها فى ذلك أن تقفل قناطر بحر الغرب إذ بذلك تتراجع المياه إلى بحر الشرق وتتكاثر فيه، ويتحول إليه بعض بحر النيل ولا يرتب على إقفالها كبير ضرر للقناطر لأن ارتفاع الماء وراء السد لا يكون كبيرا لانحدار النيل إلى بحر الشرق فلا يحصل من ضغطه للقناطر تأثير بين، مع أن المهندسين الذين رأوا منع إغلاقها لم يجزموا