يحسن ذلك وتحير فى إتمامها، فدعانى فرسمتها فى عدة أفرخ من الورق على الوجه اللائق، فوقع عنده ذلك موقعا حسنا وأثنى علىّ، ووعدنى بذكرى بخير عند المرحوم سعيد باشا، وطلب منى وضع اسمى على الرسم، فقلت عافنى من ذلك ولا تذكرنى عنده، فأرانى أن فى ذلك فوائد جمة وأنه عين الصواب.
ثم لما عرض الرسم عليه وتكلم معه بما تكلم أمر بإبطال التحقيق وحفظ القضايا بالدفترخانة وإلحاقى بمستودعى الداخلية.
فبقيت كذلك زمنا قليلا وكان يحال علىّ بعض القضايا، ثم دعيت إلى وكالة مجلس التجار فأقمت فيه شهرين، وكان سلفى فيه رجلا من الأرمن له سند قوى سهل له به الوصول إلى المرحوم سعيد باشا. فرمى فىّ بما رمى فرفعت من هذه الوظيفة، وتأسفت لرفعى التجار البلديون لما رأوه من البت فى القضايا على وجه الحق، فأقمت فى بيتى نحو ثلاثة أشهر ثم تعينت مفتش هندسة نصف الوجه القبلى فأقمت فيه نحو شهرين، ثم خلفنى فى ذلك على باشا إبراهيم. ثم دعانى المرحوم سعيد باشا لعمل رسم لاستحكامات أبى حماد، ودعا على باشا إبراهيم للكشف على الجانب الغربى من النيل إلى أسوان فاشتغلنا بذلك مدة بلا ماهية، ولما تمت الرسم ذهبت إليه لعرض الرسم عليه وكان فى طرا فلم أتمكن من ذلك، وصرت أتردد على طرا أياما لهذا القصد فلم يتيسر، ثم قام إلى قصر النيل فترددت على ذلك الموضع أيضا فلم يتم المقصود، ثم قام إلى الاسكندرية فتحيرت فى أمرى إذ كان لا يثبت فى مكان ولم يتيسر لى عرض نتيجة المأمورية عليه فالتزمت الإقامة بمصر حتى أتمكن من لقائه، وطالت المدة وفرغ المصروف، ثم قدم إلى مصر فذهبت إليه فلم أتمكن من الدخول إليه، فقال لى مأمور التشريفات: كن معنا على الدوام/لعلك تجد فرصة فى وقت من الأوقات تتمكن منه، وحضر على باشا إبراهيم أيضا فاصطحبنا ولازمنا معيته فى السفر ثلاثة أشهر بلا ماهية ولا شغل مع كثرة التنقلات من بلد إلى بلد، ومن موضع إلى آخر، ثم لما كان ذات يوم فى الجيرة وقع نظره على فنادانى وكلمنى وسألنى عما صنعت فى الرّسم فقدمته له فنظر فيه قليلا ثم قال: أبقه حتى نجد وقتا لإمعان النظر فيه، ثم لم يلتفت إليه بعد ذلك ولكن ربطت لى ماهية.