عباس باشا، واتسعت القضية، ونظرت فى الدواوين والمجالس، ودخل فيها القاضى والمفتى ولما حصحص الحق دخل فيها جلبى أفندى بالوسائط حتى خوفنى الكتخدا بالنفى إلى السودان إن لم أكف عن هذه القضية.
وبعد طول النزاع تمتها بالصلح فرجع لها العقارات والأوقاف وضاع عليها المال وبطل عنها الدين، ولم أصل إلى هذه الغاية إلا بعد أن قاسيت فى ذلك من الشدائد والأهوال، وعجائب الأحوال، مالو وصفته لطال الشرح واتسع المجال. وقد بنيت بيتها من مالى وصرفت عليه نحو ستمائة كيس وكان موقوفا عليها فأرادت اشتراكى فيه معها فى نظير ما صرفته، وكان ذلك لها بمقتضى شرط الواقف فقبلت، ودخلت معها فى الوقفية وكتبت الوثيقة بمحضر من العلماء والأمراء والأعيان.
فلما كنت فى الأستانة دخلت عليها كافلتها، المقدم ذكرها وقالت لها: أن الرمل أخبر بأن زوجك يموت فى سفره وصدّق على ذلك جماعة من حواشيها وحسنوا لها إبطال الحجة المتضمنة حصتى فى وقفية البيت ثم لاذوا/بجماعة من أصحابنا الذين لنا عليهم ٤٧ المعروف، ليشهدوا لهم بأن الحجة مزوة وأن التى نطقت يوم كتب الحجة إنما هى أختى تمثلت بها فظنوها إياها، وحملوها على أن كتبت فىّ عرضا يتضمن إنى أخذت أموالها ومتاعها ثم أرسلوه إلى ابن عمها فى الأستانة وكنت معه فى محل واحد، فأرانيه فقرأته وأخذت نسخته وسلمته إليه وقلت: لا ثمرة الآن فى المنازعة هنا فاحفظه عندك حتى نعود إلى مصر وهناك تظهر الحقيقة، فإن مت قبل ذلك فلها جميع ما يورث عنى.
فلما رجعنا إلى مصر عقدنا لذلك مجلسا حضره كاتب المحكمة والشهود وجمع من أعيان العلماء، وجرى الحساب وهى حاضرة فى المجلس فثبت لى عليها مائة وخمسة وعشرون ألف قرش، عملة ديوانية، غير ستمائة كيس التى صرفتها فى عمارة البيت، فبعد ثبوت حقى وظهوره تنازلت فى المجلس عن جميع ذلك ولم آخذ إلا وثيقة من أهل هذا المجلس بجميع ما حصل. وبإثبات تنازلى بعد هذا الثبوت، ثم بعد أيام قلائل تركتها وخرجت من البيت ولم آخذ شيئا، حتى تركت جوارى اللاتى كن فى ملكى، وطهرت نفسى مما نسبه إلىّ أهل البهتان، وأرحت نفسى من تلك الوساوس والهواجس.