للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جميع أمرها بيد غيرها، والسبب فى ذلك أن أمها كانت تزوجت برجل يعرف براغب أفندى، فماتت عنده الأم وبقيت البنت عنده يتيمة صغيرة فتزوج بامرأة أخرى. فكانت زوجته الجديدة قيمة هذه اليتيمة، والقائمة بأمرها، والكافلة لها مع راغب أفندى، فاتخذتها البنت كأمها، وكانت المرأة لا تطلعها على شئ ولا تمكنها من شئ، فلا تفعل ولا تقول إلا حسبما تريد منها هذه المرأة، فلما دخلت بها خافت المرأة ومن معها، أن أطمع فى أموال هذه اليتيمة أو أعرفها بحقوقها فتطالب بها، وتنزعها من أيديهم، فأساؤا عشرتى، وبالغوا فى إساءتى، إلى حالة لا تتحمل وغاية لا تتصور، حتى مللت، وملت بعد أشهر قليلة إلى العزلة عنهم بزوجتى، فازداد بالمرأة الخوف من انتزاع ما استحوذت عليه من مال هذه اليتيمة، فتوسطت بجلبى أفندى الكاشف إلى والدة المرحوم عباس باشا، ورمى فىّ عند حسن باشا المناسترلى، وأغرى بى أغوات السراى حتى داخلنى الخوف واشتد بى الكرب، واتسعت القضية، ودخلت المرأة المذكورة إلى سراى الوالدة المشار إليها، بعرض حال زوّرته عن لسان زوجتى بالشكاية منى كذبا، فلما وقفت المشار إليها على الحقيقة صدر أمرها بإعطائى زوجتى، فعند ذلك اصطنعت الكافلة المذكورة بمعونة جلبى أفندى وأعوانه وثيقة جردوا فيها اليتيمة عن جميع أملاكها، وأشهدوا عليها بدين جسيم لكافلها، ووضعوا عليها شهادة جماعة من الترك، بخط الدرى كاتب المحكمة الكبرى، وأنا لا أعلم بشئ من ذلك، ثم أخرجوها لى مجردة ما عليها إلا ثيابها مع أثاث قليل فأقمنا أياما فى راحة، وكانوا قد دسوا لها من قبل أنى أغدر بها، وأقتلها استعانة بذلك على تجريدها من أملاكها، بايهامها أن هذا أمر ظاهرى، أرادوا به حفظ أموالها، وأملاكها، من تسلطى عليها وانتزاعى لها، فيبقى ذلك عندهم حتى تريده فيكون لها متى شاءت حين تأمن غائلتى، فلما ذهب خوفها وأمن روعها، ولم تجد منى تطلعا لشئ من ذلك ولا أثر مما خوفوها به، أخبرتنى بالحجة التى جردوها بها وأنها تركت حليها هناك، وطلبت منى الأذن فى التوجه إليهم، لتأتى به حيث لم تجد شيأ مما كانت تخافه. فقلت لها: إن ذلك لا يجدى وهذه حيلة نمت عليك فلم تسمع وذهبت ورجعت خالية اليدين، باكية العينين، حزينة آسفة ما تم عليها من الحيلة، فحملتنى الرأفة على أن أسعى لها فى استخلاص حقها فقدمت فى ذلك عرض حال بصورة الواقعة للمرحوم