للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهى مدينة عامرة، على رأس جبل، وكان منوطا بى وأنا بها تسهيل سوق العساكر. من مدينة طرابزان الواقعة على البحر الأسود إلى مدينة أرض روم وكان ذلك فى وقت الشتاء وشدة البرد والثلج الكثير هناك مع صعوبة ما فيها من العقبات، ما بين جبال شاهقة وأودية منخفضة، فقاسيت من ذلك شدائد مهمة وأهوالا مدلهمة، وكنت أباشر كل فرقة فى سلوكها بنفسى لا يصحبنى غير خادمى، وجمعت المصابين/بالبرد، وجعلت لهم اسبتالية بمدينة كوشخانة وهيأت مفروشاتها ولوازمها، بعضها بالشراء، والبعض من طرف أهالى المدينة.

ولاشتغال الحكماء بالآلات استعملت فى مباشرة المرضى رجلا مكيّا له إلمام بالحكمة، وسلكنا فى المعالجة عادات أهل تلك الجهة، فأثمر ذلك ثمرة عظيمة حتى إذ تهيأنا للسفر، شهد لى بحسن المسعى أعيان المدينة وأكابرها من القاضى، والعلماء، والأمراء، وكتبوا بذلك مضبطة وضعوا فيها شهادتهم، وهى عندى إلى الآن وعليها أيضا ختم خالد باشا مأمور سوق العساكر العثمانية، إلى غير ذلك من فوائد الأسفار على ما بها، من الآصار.

وكنت وأنا فى المدارس قد لحقنى الدين بسبب ما احتجت إليه فى تنظيم بيتى على حسب ما تقتضيه وظيفتى وكذا ما صرفته على ثلثمائة فدان أبعادية أحسن إلىّ بها المرحوم عباس باشا بلا واسطة. فلما سافرت تركت ماهيتى للدين فوفته، واقتصرت على ما كان يصرف لى من التعيين وقد كفانى، وقام بجميع لوازمى وزاد منه ثلثمائة جنيه حضرت بها إلى مصر.

وأيضا فإن رفقتى الذين نشأت معهم كحماد بيك، وعلى باشا إبراهيم، كانوا قد رفتوا من الخدامة فى مدة سفرى فلو بقيت للحقت بهم.

ومما اتفق لى أنى تزوجت قبل سفرى هذا-بعد موت زوجتى الأولى-بقريبة أحمد باشا طوبصقال، وكانت ذات مال وعقار، وكانت يتيمة غرة بمنزلة الطفل الصغير، لا تحسن التصرف، ولا تميز الدرهم من الدينار مع كثرة إيرادها وتعدد أملاكها، وكان