للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فناولنى المرحوم إبراهيم باشا مكافأتى بيده وهى المكافأة الثانية، وكانت نسخة من كتاب جغرافية مالطبرون الفرنساوى، بأطلسها منه هبة، ودعينا للأكل مع سر عسكرنا إبراهيم باشا.

ولما رجع إلى مصر صار يثنى علينا عند العزيز وغيره.

وبعد تمام سنتين تعين الثلاثة الأول من فرقتنا وهم: أنا وحماد بك وعلى باشا إبراهيم إلى مدرسة الطوبجية والهندسة الحربية بناحية ميتس من مملكة فرنسا أيضا، وأعطينا رتبة الملازم الثانى فأقمنا بها سنتين أيضا وتعلمنا فيها فن الاستحكامات الخفيفة والاستحكامات الثقيلة، والعمارات المائية والهوائية عسكرية ومدنية، والألغام وفن الحرب وما يلحق به مع إعادة جميع ما سبق تعليمنا إياه. بتلخيص من المعلمين فى عبارات وجيزة جامعة.

ولم يحصل امتحاننا فى هذه المدرسة إلا فى آخر السنتين فكنا فى النمرة الخامسة عشرة من نحو خمسة وسبعين تلميذا، ثم تفرقنا إلى الآلايات فكنت فى الآلاى الثالث من المهندسين الحربيين، فأقمت فيه أقل من سنة.

وكان المرحوم إبراهيم باشا يوّد إقامتنا فى العسكرية حتى نستوفى فوائدها، ثم نسيح فى الديار الأوروباوية لنشاهد الأعمال ونطبق العلم على العمل مع كشف حقائق أحوال تلك البلاد وأوضاعها وعادتها، وكان ذلك نعم المقصد. ولكن أراد الله غير ما أراد هو، وتوفى إلى رحمة الله تعالى.

وفى سنة ست وستين من الهجرة تولى حكومة مصر المرحوم عباس باشا، فطلبنا للحضور إلى مصر نحن الثلاثة، وكان علىّ دين لبعض الإفرنج نحو ستمائة فرنك، وكانت الأوامر المقررة أن لا يسافر أحد إلا بعد وفاء دينه، وأن من يأتى منا إلى مصر مدينا يوضع فى الليمان، فوقعت فى أمر خطير وبقيت متحيرا وطلبت من رفقتى أن يسلفونى، فقالوا ما عندنا ما نسلفك إياه وأنا أعلم تيسر بعضهم واقتدارهم فقعدت فى محل إقامتى أفكر فيما أصنع، وإذا بصاحب لى من الإفرنج دخل علىّ يدعونى للأكل عنده حيث أنى مسافر فوجد حالى غير ما يعهد/فسألنى فأخبرته، فقال: لا تحزن، قل