للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المرحوم إبراهيم بيك رأفت متأخرى التلامذة فى آخر السنة الثالثة، من انتقالنا إلى مدرسة أبى زعبل وجعلهم فرقة مستقلة فكنت أنا منهم بل آخرهم، وجعل نفسه هو المعلم لهذه الفرقة، ففى أول درس ألقاه علينا أفصح عن الغرض المقصود من الهندسة بمعنى واضح وألفاظ وجيزة، وبين أهمية الحدود والتعريفات الموضوعة فى أوائل الفنون، وأن هذه الحروف التى اصطلحوا عليها إنما تستعمل فى أسماء الأشكال وأجزائها كاستعمال الأسماء للأشخاص، فكما أن للإنسان أن يختار لابنه ما شاء من الأسماء كذلك المعبر عن الأشكال له أن يختار لها ما شاء من الحروف، فانفتح من حسن بيانه قفل قلبى ووعيت ما يقول، وكانت طريقته هى باب الفتوح علىّ، ولم أقم من أول درس إلا على فائدة، وهكذا جميع دروسه، بخلاف غيره من المعلمين، فلم تكن لهم هذه الطريقة، وكان التزامهم لحالة واحدة هو المانع لى من الفهم. فختمت عليه فى أول سنة جميع الهندسة والحساب وصرت أول فرقتى، وبقيت فى النحو على الحالة الأولى لعدم تغير المعلم ولا طريقة التعلم السيئة، وكان رأفت بيك يضرب بى المثل ويجعل نجابتى على يديه برهانا على سوء تعليم المعلمين، وأن سوء التعليم هو السبب فى تأخر التلامذة.

وفى تلك السنة وهى سنة خمس وخمسين فرزوا منا تلامذة لمدرسة المهندسخانة ببولاق، فاختارونى فيمن اختاروه، فأقمت بها خمس سنين، وأخذت جميع دروسها وكنت فيها دائما أوّل فرقتى وقلفتها، فتلقيت بها الجزء الأول من الجبر على المرحوم طائل أفندى. وكذلك تلقيت عنه علم الميكانيكا، وعلم الديناميكا، وتركيب الآلات، وتلقيت الجبر العالى عليه وعلى المرحوم محمد بيك أبى سن، وحساب التفاضل وعلم الفلك على المرحوم محمود باشا الفلكى، وعلم الأدروليك على المرحوم رفلة أفندى، وعلم الطبوغرافية والترورزية على المرحوم إبراهيم أفندى رمضان، وعلم الكيمياء والطبيعة والمعادن والجيلوجية وحساب الآلات على المرحوم أحمد بيك فائد، والهندسة الوصفية وقطع الأحجار، وقطع الأخشاب والظل والنظر بعضه على إبراهيم أفندى رمضان، وبعضه على المرحوم سلامة باشا، وتلقيت عليه أيضا خاصة القوسموغرافية.