للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدارس التى بهذه المثابة، ثم لتغير الهواء المعتاد وكثرة ما قام بى من الأفكار اعترتنى الأمراض، وطفح الجرب على جسمى، فأدخلونى الاسبتالية، فتراكمت علىّ الأمراض، حتى أيسوا من حياتى، ولكن الله سلم، وفى أثناء ذلك حضر والدى وطلب أن يرانى فلم يمكنوه من الدخول، فجعل لبعض التمارجية خمسين محبوبا من الذهب جعلا، على أن يخرجنى من الاسبتالية سرا ليخلصنى مما أنا فيه فلم أشعر إلا والتمارجى قد كسر شباك الحديد من المحل الذى أنا فيه وأخبرنى بمرغوب والدى وأنه واقف ينتظرنى خارج المدرسة، وأراد أن ينزلنى من الشباك، ويوصلنى إليه ليأخذ جعله فمالت نفسى لإجابته، والذهاب مع والدى وترك المدارس وأهلها لما رأيت من الشدائد وعدم التعلم، وما لحقنى من الجوع فى الاسبتالية حتى كنت أمص العظم الذى يلقيه الآكلون، لكنى فكرت فى عاقبة الهروب فإنهم كانوا يطلبون من يهرب من التلامذة/ويقبضون على أهله ويقيدونهم ويهينونهم، فامتنعت من الخروج معه فاجتهد فى التحيل علىّ وتسهيل الأمر لدىّ، فأبيت وقلت: أصبر على قضاء الله وأنا الجانى على نفسى، وقلت له: بلغ والدى السلام وسله أن يدعو لى، وأن يبلغ والدتى عنى السلام، ثم إن والدى توسط حتى دخل عندى ورآنى ورأيته، وقبلنى وقبلته، وبكى وبكيت، ثم ودعنى ومضى لسبيله وله زفرات ولى عبرات ولسان الحال يقول:

عسى الكرب الذى أمسيت فيه … يكون وراءه فرج قريب

ثم شفيت وخرجت إلى المدرسة واشتغلت بدروسى، ولم أمرض بعد ذلك.

وفى أواخر سنة اثنتين وخمسين نقلونا إلى مدرسة أبى زعبل، وجعلوا قصر العينى لمدرسة الطب خاصة-كما هو الآن-فكانت إدارة المدرسة فى أبى زعبل كما كانت فى قصر العينى، إلا أنه اعتنى بالتعليم شيئا، بسبب جعل نظرها للمرحوم إبراهيم بيك رأفت.

وكان أثقل الفنون علىّ وأصعبها فن الهندسة والحساب والنحو، فكنت أراها كالطلاسم، وأرى كلام المعلمين فيها ككلام السحرة، وبقيت كذلك مدة، إلى أن جمع