للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشريف إلى القاهرة وكيف كان ذلك، فكل ذلك مشهور غنى عن البيان، لكن حيث كان هذا المشهد القاهرى إنما هو للرأس الشريف منفصلا عن الجثة، ناسب أن نذكر طرفا ملخصا مما ذكروه فى ذلك فنقول: قال المقريزى فى خططه-نقلا عن الفاضل بن ميسر: إن الأفضل بن أمير الجيوش لما ملك القدس دخل عسقلان، وكان بها مكان دارس فيه رأس الحسين بن على بن أبى طالب ، فأخرجه وعطره وحمله فى سفط إلى أجلّ دار بها، وعمر المشهد، فلما تكامل حمل الرأس الشريف على صدره وسعى ماشيا إلى أن أحله فى مقره، وكان ذلك سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. وقيل: إن مشهد عسقلان بناه أمير الجيوش وكمله ابنه الأفضل، ثم حمل الرأس الشريف من عسقلان إلى القاهرة، وكان وصوله إليها يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، والذى وصل به من عسقلان الأمير سيف المملكة تميم واليها، والقاضى المؤتمن بن مسكين مشارفها، وحل فى القصر فى العاشر من جمادى المذكورة.

ويذكر أن الرأس الشريف لما أخرج من مشهد/عسقلان وجد دمه لم يجف، وله ريح كريح المسك، فقدم به الأستاذ مكنون فى عشارى من عشاريات الخدمة وأنزل إلى الكافورى ثم حمل فى السرداب إلى قصر الزمرد، ثم دفن عند قبة الديلم بباب دهليز الخدمة، وكانوا ينحرون يوم عاشوراء عند القبر الإبل والبقر والغنم، ويكثرون النوح، ويسبون من قتل الحسين، ولم يزالوا على ذلك حتى زالت دولتهم.

وقال ابن عبد الظاهر: إن الصالح طلائع بن رزيك كان قد قصد نقل الرأس الشريف من عسقلان لما خاف عليها من الفرنج، وبنى جامعه خارج باب زويلة ليدفنه به ويفوز بهذا الفخار فغلبه أهل القصر على ذلك وقالوا: لا يكون ذلك إلا عندنا. فبنوا له هذا المكان ونقلوا الرخام إليه، وذلك فى خلافة الفائز على يد الصالح طلائع بن رزيك سنة تسع وأربعين وخمسمائة.

ولما ملك السلطان الناصر جعل به حلقة تدريس وفقهاء، وكان يجلس للتدريس عند المحراب الذى خلفه الضريح.

فلما وزر معين الدين بن حسين بن شيخ الشيوخ بن حمويه وصار إليه أمر هذا المشهد بعد إخوته، جمع من أوقافه ما بنى به إيوان التدريس وبيوت الفقهاء العلوية خاصة.

وفى سنة بضع وأربعين وستمائة فى الأيام الصالحية احترق هذا المشهد، بسبب أن أحد خزان