للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشمع دخل ليأخذ شيئا فسقطت منه شعلة، فوقف الأمير جمال الدين بنفسه حتى طفئ.

وفى هذا المعنى:

قالوا تعصب للحسين ولم يزل … بالنفس للهول المخوف معرضا

حتى انضوى ضوء الحريق وأصبح … المسودّ من تلك المخاوف أبيضا

أرضى الإله بما أتى فكأنه … بين الأنام بنعله موسى الرضا

قال: ولحفظة الآثار ما إذا طولع وقف منه على المسطور، وعلم منه ما هو غير المشهور، وإنما هذه البركات مشاهدة مرئية، وهى بصحة الدعوى ملية، والعمل بالنية.

وقال فى كتاب الدر النظيم فى أوصاف القاضى الفاضل عبد الرحيم: ومن جملة مبانيه الميضأة قريبا من مشهد الإمام الحسين بالقاهرة، والمسجد والساقية، ووقف عليها أراضى قريبا من الخندق ظاهر القاهرة، ووقفها دارّ جار. ولما هدم المكان الذى بنى موضعه مئذنته، وجد فيه شئ من الطلسم لا يعلم لأى شئ هو، فيه اسم الظاهر بن الحاكم واسم أمه انتهى-مقريزى.

وفى رحلة ابن جبير التى صنفها سنة إحدى وثمانين وخمسمائة عقيب رحلته الأولى:

إن من مشاهد القاهرة المشهد العظيم الشأن حيث رأس الحسين بن على بن أبى طالب ، وهو فى تابوت فضة مدفون تحت الأرض، قد بنى عليه بنيان حفيل يقصر الوصف عنه، ولا يحيط الإدراك به، مجلل بأنواع الديباج، محفوف بأمثال العمد الكبار شمعا أبيض، ومنه ما هو دون ذلك، قد وضع أكثرها فى أتوار فضة خالصة، ومنها مذهبة، وعلقت عليه قناديل فضة، وحف أعلاه كله بأمثال التفاح ذهبا، فى مصنع شبيه الروضة يفيد الأبصار حسنا وجمالا. فيه من أنواع الرخام المجزع الغريب الصنعة البديع الترصيع ما لا يتخيله المتخيلون، ولا يلحق أدنى وصفه الواصفون. والمدخل إلى هذه الروضة على مسجد على مثالها فى التأنق والغرابة، حيطانه كلها رخام على الصفة المذكورة، وعن يمين الروضة وشمالها بنيان على تلك الصفة، وأستار الديباج البديعة الصنعة معلقة على الجميع. ومن أعجب ما شاهدناه فى الدخول إلى هذا المسجد حجر موضوع فى الجدار الذى يستقبله الداخل، شديد السواد والبصيص، يصف الأشخاص كلها كأنه المرآه الهندية الحديثة الصقل.

والناس منكبة على استلام هذا القبر الشريف والطواف حوله مزدحمين عليه، داعين باكين متوسلين إلى الله تعالى ببركة التربة المقدسة. وبالجملة، فما أظن فى الوجود كله