للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قولُ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) في قولِه تعالى ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ [الجمعة: ١١]، بعد أن ذكرَ فيها سبَباً عن جابرِ بن عبدِ الله ، وآخرَ عن مُجاهدٍ (ت: ١٠٤)، قالَ مُرَجِّحاً: «والذي هو أَولى بالصَّوابِ في ذلك: الخبرُ الذي روَيْناه عن جابرٍ؛ لأنَّه قد أدركَ أمرَ القَومِ وشاهدَهم» (١)، ومثلُه قولُه: «وأَولى هذه الأقوالِ في ذلك عندي بالصَّوابِ أن يُقالَ: عُنيَ بذلك: ﴿لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ﴾ [المائدة: ٤١] قَومٌ مِنْ المُنافقين، وجائِزٌ أن يكونَ كانَ مِمَّنْ دخلَ في هذه الآيةِ ابنُ صُورِيا، وجائِزٌ أن يكونَ أبو لُبابَةَ، وجائِزٌ أن يكونَ غيرُهما، غيرَ أنَّ أثْبَتَ شيءٍ رُوِيَ في ذلك ما ذَكَرناه مِنْ الرِّوايةِ قَبلُ عن أبي هُريرة والبَراءِ بن عازِبٍ؛ لأنَّ ذلك عن رجُلَيْن مِنْ أصحابِ رسولِ الله . وإذا كانَ ذلك كذلك، كانَ الصَّحيحُ مِنْ القَولِ فيه أن يُقالَ: عُنِيَ به عبدُ الله بن صُورِيا» (٢)، ورُواةُ السَّببَيْن الآخرَيْن هما: الشَّعبيُّ (ت: ١٠٣)، والسُّدِّيُّ (ت: ١٢٨).

وجُمهورُ العلماءِ على ترجيحِ قولِ صاحبِ القِصَّةِ وشاهدِها على غيرِه مِمَّنْ لم يَشهَدْ، قالَ ابنُ قدامة (ت: ٦٢٠) في تعدادِ المُرَجِّحاتِ عند التَّعارُضِ: «الرّابعُ: أن يكونَ راوي أحدَهما صاحبُ الواقِعَةِ» (٣).


(١) جامع البيان ٢٢/ ٦٤٩.
(٢) جامع البيان ٨/ ٤١٨. وينظر: ٢١/ ١٣١.
(٣) نزهة الخاطر العاطر ٢/ ٣٩٧. وينظر: الإحكام، للآمدي ٢/ ٢٩٧، وشرح الكوكب المنير ٤/ ٦٣٧.

<<  <   >  >>