للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اثنى عشَرَ: لا أثرَ لصيغةِ البناءِ لغيرِ المعلومِ (قِيلَ، ذُكِرَ، رُوِيَ) في اعتمادِ أحوالِ النُّزولِ أو الاستدلالِ بها، وذلك ظاهِرٌ مِنْ مَنهجِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠)، ومِن ذلك قولُه في قولِه تعالى ﴿حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ [المؤمنون: ٧٧]، حيثُ ذكرَ قولَ ابنَ عباسٍ : أنَّ ذلك كانَ يومَ بدرٍ. ثُمَّ ذكرَ قولَ مجاهدٍ (ت: ١٠٤): أنَّ ذلك في المجاعةِ التي أصابَت قُريشاً. ثُمَّ قالَ: «وهذا القَولُ الذي قالَه مجاهدٌ أَولى بتأويلِ الآيةِ؛ لصِحَّةِ الخبرِ الذي ذكَرْناه قَبلُ عن ابنِ عباسٍ، أنَّ هذه الآيةَ نزلَت على رسولِ الله في قِصَّةِ المَجاعةِ التي أصابَتْ قُريشاً بِدُعاءِ رسولِ الله عليهم، وأَمرِ ثُمامةَ بن أَثالٍ، وذلك لا شَكَّ أنَّه كانَ بعد وَقْعةِ بَدرٍ» (١)، وكانَ قد ذكرَ الخبرَ عن ابنِ عباسٍ قبلَ ذلك بقولِه: «وذُكِرَ أنَّ هذه الآيةَ نزلَت على رسولِ الله حين أخذَ الله قُريشاً بسِنِيِّ الجَدبِ» (٢)، فلا أثرَ لتلك الصِّيغةِ على تصحيحِه واعتمادِه للأثرِ. ومثلُ ذلك قولُه في قولِه تعالى ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ [الممتحنة: ١]: «وذُكِرَ أنَّ هذه الآياتِ مِنْ أوَّلِ هذه السُّورةِ نزلَت في شأنِ حاطبِ بن أبي بَلتعةَ، وكانَ كتَبَ إلى قُريشٍ بمكَّةَ يُطلِعُهم على أمرٍ كانَ رسولُ الله قد أَخْفاه عنهم، وبذلك جاءَت الآثارُ والرِّوايةُ عن جماعةٍ مِنْ أصحابِ رسولِ الله وغيرِهم» (٣).

كما يورِدُ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) تلك الصِّيَغَ في استِدلالِه بمرويّاتٍ


(١) جامع البيان ١٧/ ٩٥.
(٢) في ١٧/ ٩٣.
(٣) جامع البيان ٢٢/ ٥٥٩. وينظر: ٣/ ٢٨٣، ٦/ ٤٣٠، ١٨/ ٢٨٣، ١٠/ ١٣٧.

<<  <   >  >>