للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانَت في الجاهليَّةِ فأبطَلَها الإسلامُ، فلا نَعرِفُ قوماً يَعملون بها اليَومَ، فإذا كانَ ذلك كذلك، وكانَ ما كانَت الجاهليَّةُ تعملُ به لا يُوصَلُ إلى عِلمِه؛ إذْ لم يَكُنْ له في الإسلامِ أثرٌ، ولا في الشِّركِ نَعرِفُه إلا بخَبَرٍ، وكانَت الأخبارُ عمّا كانوا يَفعلون مِنْ ذلك مُختلفةً الاختلافَ الذي ذكَرنا = فالصَّوابُ مِنْ القَولِ في ذلك أن يُقالَ: أمّا معاني هذه الأسماءِ فما بيَّنّا في ابتِداءِ القَولِ في تأويلِ هذه الآيةِ. وأمّا كيفيَّةُ عملِ القَومِ في ذلك، فما لا عِلمَ لنا به. وقد وردَت الأخبارُ بوَصفِ عملِهم في ذلك على ما قد حكَيْنا، وغيرُ ضائِرٍ الجَهلُ بذلك إذا كانَ المُرادُ مِنْ عِلمِه المُحتاجِ إليه موَصِّلاً إلى حقيقتِه؛ وهو: أنَّ القَومَ كانوا يُحرِّمون مِنْ أنعامِهم على أنفُسِهم ما لم يُحرِّمْه الله؛ اتِّباعاً مِنهم خُطُواتِ الشَّيطانِ، فوبَّخَهم الله تعالى ذِكرُه بذلك» (١)، وقد أفادَ هذا النَّقلُ أمرَيْن هامَّيْن في هذا البابِ:

أوَّلَهما: أنَّ مِنْ تلك الأخبارِ المأثورةِ عن أحوالِ العربِ ما يُحتاجُ إليه في بيانِ المعاني، وأنَّ ما أوردَه ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) مِنها إنَّما كانَ لهذا الغَرَضِ. هذا مَفهومُ عبارَتِه الذي يُوافِقُ صنيعَه في عامَّةِ تَفسيرِه.

وثانيهما: أنَّ ما لا يضُرُّ الجهلُ به مِمّا تخالفَت فيه تلك الأخبارُ لا يَنبغي الاشتغالُ به؛ لخرجِه عن حَدِّ البيانِ للمعاني.

عاشراً: سبَبُ النُّزولِ وسياقُ الآياتِ مُتآخِيان، إذْ كِلاهما في حقيقةِ الأمرِ سياقٌ واحِدٌ؛ أحدُهما (سياقُ الحالِ)، والآخرُ (سياقُ المَقالِ)،


(١) جامع البيان ٩/ ٣٩. وينظر: ٨/ ٦٦٣.

<<  <   >  >>