[المعنى الثاني: الضلالة هنا بمعنى: الخطأ.]
أى: من الخاطئين؛ والمعنى: كمن يقتل خطأً من نجير تعمد للقتل. (١)
قال عبد الرحمن بن زيد في قوله: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠)}: قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَنِي مِنَ الله شَيْءٌ كَانَ قَتْلِي إِيَّاهُ ضَلالَةً وَخَطأً، قَالَ: وَالضَّلالَةُ هَاهُنَا الْخَطَأُ، وَلَمْ يَقُلْ: ضَلالَةً فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الله. (٢)
[المعنى الثالث: الضلال بمعنى النسيان.]
قال القتبي: أصل الضلالة العدُول عن الحق، ثم يكون لمعاني منها النسيان، لأن الناسي عادل عنه، فكما قال هاهنا: {فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠)} أي: من الناسين وكما قال: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢]. (٣)
فتبين من ذلك أن قول موسى - عليه السلام - لا ليس من الضلال في الدين وإنما بأحد هذه الوجوه.
فلم يقل: إني صرت بذلك ضالًا، ولكن فرعون لما ادعى أنه كان كافرًا في حال القتل نفى عن نفسه كونه كافرًا في ذلك الوقت، واعترف بأنه كان ضالًا أي: متحيرًا لا يدري ما يجب عليه أن يفعله وما يدبر به في ذلك. (٤)
* * *
(١) تفسير البيضاوي (٤٩٦)، الكشاف ٣/ ٣٠٥ - ٣٠٦، زاد المسير ٦/ ١١٩.
(٢) صحيح. أخرجه الطبري في تفسيره ١٩/ ١٢٦ من طريق ابن وهب، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (١٥٥٦٧) من طريق أصبغ كلاهما (ابن وهب وأصبغ)، عن ابن وهب به.
(٣) بحر العلوم للسمرقندي (سورة الشعراء)، الكشاف ٣/ ٣٠٥ - ٣٠٦، تفسير أبي السعود ٦/ ٢٣٨، تفسير الآلوسي ٢٠/ ٦٩، تفسير البيضاوي ص ٤٩٥، تفسير النسفي ٣/ ١٨٠، المحرر الوجيز ٤/ ٢٢٧، تفسير القرطبي ١٣/ ١٠٢، معاني القرآن لأبي جعفر النحاس ٥/ ٧١.
(٤) تفسير الرازي ٢٤/ ٢٣٤.