الضرب الثالث: دين ليس بلازم، ولا يئول إلى اللزوم، وهو دين الكتابة، فلا يصح ضمانه، لأن المكاتب يملك إسقاطه بتعجيز نفسه فلا معنى لضمانه، ولأن ذمة الضامن فرع لذمة المضمون، فإذا لم يلزم الأصل لم يلزم الفرع، ومن حكم الضمان أن يكون لازمًا وإن كان على المكاتبة دين لأجنبي، صح ضمانه، لأنه دين لازم عليه، وإن كان عليه لسيده دين من غير جهة الكتابة، فهل يصح ضمانه؟ فيه وجهان: أحدهما: يصح ضمانه، لأنه يجبر على أدائه. والثاني: لا يصح ضمانه، لأنه قد يعجز نفسه فيسقط ما في ذمته لسيده قال العمراني: وأصلهما الوجهان هل يستدام ثبوت الدين في ذمته لسيده بعد أن يصير ملكًا له؟ فيه وجهان: - فإن قلنا: يستدام ثبوته، صح ضمانه. - وإن قلنا: لا يستدام ثبوته لم يصح ضمانه. الضرب الرابع: دين غير لازم إلا أنه يئول إلى اللزوم، وهو مال الجعالة قبل العمل بأن يقول: من ردّ ضالتي فله دينار، فإن ضمن عنه غيره ذلك قبل رد الضالة هل يصح؟ فيه وجهان: أحدهما: يصح لقوله تعالى: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} سورة يوسف: ٧٢. فضمن المنادي مال الجعالة وحمل البعير معلوم. والثاني: لا يصح لأنه دين غير لازم فلا يصح ضمانه كمال الكتابة، ومنهم من قال: لم يضمن المنادي، وإنما أخبر عن الملك أنه بذل لمن رده حمل بعير، وإن الملك قال: وأنا به زعيم. (المجموع ١٣: ١٦ - ١٧). (١) لأنه دين غير لازم، فلم يصح ضمانه كدين الكتابة.