للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مرابحة دون تبين، إذا لم يطل ذلك بحوالة أسواق، وإنما أجاز ذلك في هذا الوجه؛ لأن معلومًا عند الناس أن من ملك شيئًا من هذه الأصناف وأغل ذلك عنده غلة أن سبيله في الغلة أن يجوزها وينتفع بها.

وإنما تسميه مقادير الجوائح التي قد اتفق عليها، وجرى عمل القضاة به عندنا بمنزلة متعاوضين تعاوضا في سلعتين فقوما كل سلعة منهما بما تساوى يوم العقد تقويمًا تحريا فيه العدل كيما أن استحقت منهما سلعة، أوردت بعيب وقد فاتت السلعة الثانية كان الرجوع بالقيمة التي قومت بها يوم البيع دون اختلاف ولا تدافع يقع بين المتعاوضين فيها.

والحجة لهذه العلة ما وقع في كتاب الاستحقاق وكتاب العيوب والعرف وكراء الرواحل من المدونة، فيمن باع سلعة بدينار إلى أجل، فلما حل الجل أخذه من الدينار دراهم فساتحقت السلعة، قال مالك: من باع سلعة بمائة دينار فأخذ فيها دراهم ثم وجد بها عيبًا فردها رجع بالدراهم، فإن أخذ بها عرضًا رجع بالمائة الدينار. قال في سماع ابن القاسم في كتاب جامع البيوع: إلا أن يكون العرض لا يشبه أن يكون ثمنًا قائمًا يكون له قيمته: قال ابن القاسم: يريد إنما أخذه منه على وجه التحاوز، مثل أن يجده معسرًا، أو أخذه منه تخفيفًا فإذا كان لك لم أر له إلا قيمته يوم قبضه.

قال في المدونة: ورأيت مالكًا يجعله إذا أخذ العين من العين لا يشبه عنه إذا أخذ عرضًا، وذكر باقي المسألة. قال: وإنما اجتلت هذه المسألة وشبهها من أجل أن العدوى في الاستحقاق وما ضارعه إنما يكون بالذي هو أعدل، فلما رأى الدنانير والدراهم مجراهما أنهما عين مجرى واحدًا أعداه بالعين المأخوذة ولم يلتفت العين التي انعقد البيع بها، ولما كانت السلعة شيئًا آخر أعداه بالعين لأن المثل فيها أصحب وأعدل.

ومن هذه الحجة ضارعت هذه المسألة مسألة الكراء، ثم ذلك مسألة النقص يبنيه رجلان في أرض أعارهما إياهما، فباع أحدهما حصته في النقض في الموازية، وفعة المختلطة، ثم مسألة من سماع أشهب في جامع البيوع، ثم أخرى من سماع عيسى في كتاب العتق، وفي كتاب الغصب، ثم قال: والذي هو أبين من هذا وأكتشف في هذا المعنى، وإنما أخرناه لنختم الجواب به نجتلبه بعد هذا إن شاء الله.

وذلك ما وقع في كتاب التجارة إلى أرض الحرب من المدونة فيمن اشترى شاة على

<<  <   >  >>