وأدخل من قول سحنون كتاب شجرة إلى سحنون يمن أتى الحكم، وقال: إن فلانًا دفع إلي أو بعث إلي دنانير، أنها لورثة فلان، وأن أدفعها بأمر فلان الحاكم كيف يجري أمر الحاكم فيها؟
فكتب إليه: ثبت عندك الورثة، وأقر هذا أن الغائب أمر بدفعها إليهم، كتب له الحاكم أنك ذكرت أن فلانًا أمرك بدفع ذلك إلى ورثة فلان بأمري، وأني أمرتك أن تدفعها إليهم، يريد بعد أن ثبت عندي أنهم ورثة فلان.
ووصل بها مسألة ابن عبد الحكم وابن المواز، ولم اكتبها هنا على نصها كراهة التطويل، وما أدري ما الذي عدل به عن ذلك هذا إلى ما رآه في معلقات القاضي أبي بكر بن زرب رحمه الله.
وفي التفليس من النوادر أيضًا:
قال حبيب: أتاني رجل برجل فقال: إن هذا معه بضاعة لفلان الذي بصقلية، ولي أنا على ذلك دين فأعدني في بضاعته هذه. فقال سحنون: نعم، فأعده إذا جاء بينة على ما ذكره.
وهذه رواية محتملة أن تكون كالتي ذلك عنه شرحبيل، ويحتمل أن تكون خلافها.
وقول أبي عمر في جوابة:"فإن قادك الاجتهاد إلى أحد القولين بعد تحصين أمر الشركة؛ فقلد من رأيت" إغفال وخطأ في الفقه، وخروج عن عرف اللسان في البيان.
فأما الخطأ فإبقاؤه الخلاف في المسألة بعد تحصين أمر الشركة؛ يريد في تبيين الشهود وجه معرفتهم للشركة، كيف كان، وهو إذا حصنها باستعادة عدلين يفسران وجه علمهما بالمفاوضة، وكملت شهادتهما على ما شرطه؛ فالحكم بها واجب، والخلاف عنهما مرتفع. وقد تقدم هذا المعنى في جوابه بينًا من كلامهم، إلا أنه لما أطال الكلام أنسيه وغفل عنه؛ فلم يذكره. وإنما الخلاف إن لم يكن الإقرار الذي بيده المال، ولم تقم بينه بالمفاوضة.
وأما الخروج عن عرف اللسان فقوله: إن قادك الاجتهاد إلى احد القولين فقلد من رأيت؛ لأنه يقتضي أمره إياه بالتقليد من رآه تقليده من غر قائلي ذينك القولين. فإن قيل: إنه أراد تقليد من رأيت قوله صوابًا من هذين القولين، فالمعنى متناقض؛ لأنه من قاده اجتهاد إلى اعتقاد شيء، والعمل به لا يسمى مقلدًا، بل يمسى باحثًا مجتهدًا، والتقليد لا