للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكون إلا ممن لا اجتهاد له يؤديه إلى علم ما يقلد عالمًا فيه، وكان وجه الكلام وما قادك إليه اجتهادك من هذين القولين فاحكم به وأنفذه، وإن كان الحكم عنده جاهلا مقلدًا فكأن ترتيب الكلام ونظامه: وما تقلدت من هذين القولين فأنفذ القضاء به.

وقوله: وكتاب ابن زرب إياها يدل على استحسانه، لما كتب خال عن الفائدة داخل في الحشو الذي لا يخل منه بطائل إذ لا يجهل أحد أن ابن زرب لم يكتبه إلا مستحسنًا له مستزيدًا علمه به.

وإن قال إنما أراد باستحسانه لما كتب الأخذ واعتقاد الصواب فيه. قيل له: هذا ظن؛ إذا لم يخبر ابن زرب بذلك من اعتقاده، والظن لا يغني من الحق شيئًا وهو أكذب الحديث، ولا يلزم لحل من كتب خلافًا عن عالم أن يعتقد أنه الحق الذي يجب المصير إليه والعمل به، هذا هو المعروف المشهور في التآليف وأنواع التصاريف.

وكلهم أدخل أقوال العلماء المتضادة المختلفة ومذاهبهم المنافية غير المؤتلفة، مستحسين لعلمها والإعلام بها، لا ملتزمين للأخذ بجميعها؛ إذ كان من المحال اعتقاد الحرام والحلال في شيء واحد، لم يغيره حال إلى حال.

توقف ميراث غائب من ميت حاضر ثم ثبت موت الغائب قبل الحاضر:

غاب علي بن أحمد بن سعيد المعروف بابن الخراز عن قرطبة أعوامًا، وتوفي بعد مغيبة ابن عمه لحا محمد بن علي بن سعيد يوم الاثنين لاثنتين عشر ليلة بقيت من ذي الحجة سنة أربع وخمسين وأربعمائة، وورثته زوجته وأخته شقيقته وابنا عمه لحا عبد الله بن أحمد ابن سعيد والغائب علي، وثبتت وفاة محمد ووراثته عند القاضي سراج بن عبد الله، ووقف حظ الغائب على عند محمد بن يحيى بن الرفا.

وقام عبد الله عند صاحب الأحكام محمد بن الليث فطلب الحظ الموقوف لعلي، وقال: إن عليًا توفي قبل محمد، وأظهر إليه عقدًا تاريخه ذو القعدة سنة ست وخمسين، تضمن معرفة شهوده موت علي بالسماع المستفيض قبل تاريخه بثلاثة أعوام، وأثبته عنده ونصه: يشهد من يتسمى في هذا العقد من الشهداء أنهم يعرفون عليًا بن أحمد بن سعيد بعينه واسمه، وأنه غاب منذ عشرة أعوام عن قرطبة إلى جهة شرق الأندلس، واستوطن فيه، وأنهم سمعوا سماعًا فاشيًا مستفيضًا من أهل العدل وغيرهم منذ ثلاث أعوام متقدمة لهذا التاريخ أنه توفي هناك.

<<  <   >  >>