بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: سيدي، ووليي، ومن وفقه وسدده وعصمه فيما قلده؛ يحسن أن تسأل اثنين من عدول البينة التي ثبت بها الاسترعاء عندك - عن وجه معرفتهما المفاوضة المذكورة، فإذا فسر لك ذلك أنهما علماء بإعلام المفتاوضين إياهما بذلك؛ أعلمت الشهادة وناب الحاضر منهما عن الغائب، وبدئ الدافع إلى الحاضر من تبعتهما؛ وذلك لأن هذا أمر قريب المأخذ عليك، فهو أتم وأطيب للنفس وأولى بالحسن، والله الموفق لنا ولك برحمته، والسلام على سيدي ورحمة الله وبركاته.
قال القاضي:
قول ابن مالك في جوابه:"فهو أتم" هو نص ما ذكره ابن العطار في وثائقه؛ لأنه قال في بعض عقودها للأوصياء ممن يعرف الإيصاء المذكور، ثم قال: إن قلت ممن يعرف الإيصاء بإشهاد الموصي إياه عليه فهو أتم، وهذا يدل أن الشهادة عنده تامة، وإن لم يبين الشاهد الوجه الذي علم منه ذلك.
وذكر هو وابن أبي زمنين وابن الهندي في مواضع من كتبهم ممن يعرف الإيصاء وممن يعرف التوكيل من غير تبيين.
وأخبرني الشيخ أبو عبد الله بن عتاب عن أبي عمر الأشبيلي أنه أفتى في مثل هذا: أن الشهادة تامة معمول بها، قال: ونحوه في أحكام ابن زياد.
وفي المدونة: إذا ثبت أنه مفاوضة ولم يشتركم، فكان التعويل على هذا أولى من التعويل على قول أبوي محمد يعني ابن الشقاق وابن دحون الذي حكاه أبو عمر ابن القطان في جوابه مستظهرًا به، ولا فرق بين هذا وبين شهادة الشاهد أنه يعرف هذا الدار وهذه الدابة ملكًا لفلان بن فلان، ولا يبين كيف وصل إلى علم ذلك.
وما حكاه عن سحنون فالظاهر عنه خلافه قال ابنه في كتاب كتب إلى شرحبيل - فيمن ثبت عليه دين فلم يوجد له مال، ثم غاب فأقر رجل أنه أودعه جارية أو ناضًا - فكتب إليه سحنون: ما أرى أن يقضي الحكم غرماؤه في المال الذي أقر له هذا به، هكذا في تفليس النوادر، وهو مثل قول محمد بن عبد الحكم، وكذلك قال ابن المواز وابن سحنون في هذا الأصل، ذلك كله عنهم ابن أبي زيد في مواضع من نوادره.
وقال في كتاب الوديعة بعد مسألة ابن المواز وابن عبد الحكم: وفيه قول آخر،