للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وقدمنا عن الدميري، والسيوطي أن الدراج يقول: بالشكر تدوم النعم.

وكان يخطر لي أنه يقول في صياحه: سبحان القديم الأزل، ثم رأيت ذلك منقولًا عن بعض العلماء، وهو أليق وأوفق لقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: ٤٤].

ويزعم عوام الناس أنه يقول: طاب طبيخ السنبل، والذي دعاهم إلى ذلك أنَّ هذا وزَّان صوته، وأنَّ وقت صياحه في آخر فصل الربيع حين يبدو نضج السنبل، وهو سنبل الزرع.

ومن لطيف ما وقع لي مع بعض عوام مصر أني كنت مرةً ماشياً بين بساتين دمشق ودرَّاج يصيح، وهذا المصري مصْغٍ إليه متعجب من حسن صوته، وفي نفسه كلام نشأ عن فكر كان قد عيي منه ولم يجد من يبثه إليه حتى وقع بصره عليَّ، فقال: يا سيدي! لقد لقيت عجباً في بلدتكم هذه؛ هذا الطائر يصيح: طاب طبيخ السنبل، وما كنت أظن أن هذا الطائر يوجد في غير مصر حتى وجدته اليوم، إلا أني سمعته يقول في هذه البلدة: طاب طبيخ السنبل ولا يزيد عليها شيئاً، وأمَّا في مصر فإنه يزيد عليها: طاب طبيخ السنبل، سبحان القديم الأزل، ينطق بها كذلك في مصر لا يشك في نطقه، فلم أزده على التبسم والتعجب.

وروى أبو الشيخ في "العظمة" عن فرقد السبخي قال: مرَّ سليمان ابن داود عليهما السلام ببلبل ساقط على شجرة يحرك رأسه ويميل ذنبه، فقال لأصحابه: أتدرون ما يقول هذا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>