للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسمعها، ثم تواجد واستغرق في وجده، وأنشد: [من المتقارب]

حَمامَ الأَراكِ أَلا فَاخْبِرِينا ... بِمَنْ تَهْتِفِينَ، وَمَنْ تَنْدُبِينا

فَقَدْ شِقْتِ بِالنَّوْحِ مِنَّا القُلُوبَ ... وَأَرْدَفْتِ وَيْحَكِ ماءً مَعِينا

تَعالَي نُقِمْ مَأْتَماً لِلْفِراقِ ... وَنندُبَ أَحْبابَنا الظَّاعِنِينا

وَأَسْعَدُ بِالنَّوْحِ كَيْ تُسْعِدِينا ... كَذاكَ الْحَزِينُ يُواسِي الْحَزِينا

قال: ثم بكى رحمه الله تعالى طويلاً، وأنشد: [من الطويل]

أَيَبْكِي حَمامُ الأَيْكِ مِنْ فَقْدِ إِلْفِهِ ... وَأَصْبِرُ عَنْهُ كَيْفَ ذاكَ يَكُونُ

وَلِمْ لا أُبَكي، ثُمَّ أندُبُ ما مَضَى ... وَذاكَ الْهَوى بَيْنَ الضلُوعِ دَفِينُ

وَإِنْ كانَ قَلْبِي قَبْلَ ذلكَ قاسِياً ... فَإِنْ دامَتِ البَلْوَى بِهِ سَيَبِينُ

أَلا هَلْ عَلى الشَّوْقِ المُبَرِّحِ ... وَهَلْ لِي عَلى الوَجْدِ الشَّدِيدِ مُعِينُ

سَلامٌ عَلى قَلْب تَعَرَّضَ بِالْهَوى ... سَلامٌ عَلَيْهِ أَحْرَقَتْهُ شُجُونُ

وَعَذَّبَهُ هَمٌّ يُهَيِّجُ حُزْنَهُ ... فَلِلْهَمِّ وَالأَحْزانِ فِيهِ فُنونُ

ثم خرَّ مغشيًّا عليه، فلمَّا أفاق أنشد: [من الخفيف]

غَنِّنِي فِي الفِراقِ صَوْتاً حَزِيناً ... إِنَّ بَيْنَ الضُّلُوعِ شَوْقاً دَفِيناً

ثُمَّ جُدْ لِي بِدَمْعِ عَيْنَيْكَ بِاللـ ... ـهِ وَكُنْ لِي عَلى البُكاءِ مُعِينا

فَسَأَبْكِي الدِّماءَ فَضْلاً عَنِ الدَّمْـ ... ـعِ، وَمِثْلُ الفِراقِ أَبْكَى العُيونا

فَكُلُّ أَمْرِ الدُّنا حَقِيرٌ يَسِيرٌ ... غَيْرَ فَقْدِ القَرِينِ فِيها القَرِينا

<<  <  ج: ص:  >  >>