للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{عَلَى شَيْءٍ} [النحل: ٧٥]: لا يتصدق بشيء (١).

قلت: هذه الآية بينت كمال الفرق بين العبد المملوك والحر المنفق رزقاً حسناً، وهو أن العبد ممنوع من الإنفاق إلا بإذن سيده، وكل شيء أنفقه دون إذن سيده فهو آثم فيه، وما تصرف فيه مرجوع فيه، فينبغي للحر أن لا يتشبه به في أخذ مال غيره والتصدق به أو التكرم به، وكذلك لا ينبغي له أن يجعل نفسه مع زوجته، أو مع غلامه أو غيرهما كالعبد الممنوع من التصرف لا يتصرف في ماله إلا بإذن زوجته، أو بإذن من يهواه، كما يتفق كثيرًا لكثير من الناس يصرف في هوى زوجته، أو ولده، أو معشوقه ما قل وكثر، وإذا أراد عمل خير من صلة رحم، أو صدقة امتنع منه طلباً لرضاهم، أو عملًا برأيهم.

وفي مثل ذلك قال الحسن رحمه الله تعالى: ما أصبح رجل يطيع زوجته إلا كَبَّه الله في النار (٢).

وأقبح من ذلك أن يصرف في الهوى الشيطاني الألوف، ويمنع الحقوق التي أمر الله تعالى بها، وهو دليل مكر الله تعالى بالعبد، ومن كان على هذا الوصف فهو ممكور به؛ والعياذ بالله تعالى!


(١) رواه البيهقي في "السنن" (٤/ ١٩٤).
(٢) رواه الإمام أحمد في "الزهد" (ص: ٢٨٠)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٦/ ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>