للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائِدَةُ السَّابِعَةُ: روى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم في تفاسيرهم عن مجاهد قال: قال لي ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: كم لبث نوح عليه السلام في قومه؟

قلت: ألف سنة إلا خمسين عاماً.

قال: كان من كان قبلكم كانوا أطول أعماراً، ثم لم يزل الناس ينقصون في الأخلاق والآجال، والأحلام، والأجسام إلى يومهم هذا (١).

قلت: وكلام ابن عمر يفهم أن الناس كلما تأخرت أزمنتهم نقصوا فيما ذكر، وهو كذلك كما هو محسوس مشاهدة فإنا شاهدنا أناساً كانوا أحسن خلقاً، وأطول عمراً، وأتم عقلاً وحلماً، وكلما تأخر الزمان غلب على أهله سوء الأخلاق، وسخافة العقول، وسفاهة الأحلام، وبشاعة الصور، وقلة البهاء، وصغر الجثث، وانمحقت أعمارهم، وذهبت البركة من أوقاتهم؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون! وروى ابن أبي الدنيا في "العقل " عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: يأتي على الناس زمان تنزع فيه عقول الناس حتى لا تَكاد ترى عاقلاً (٢).


(١) ورواه نعيم بن حماد في "الفتن" (٢/ ٧٥٣)، وانظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٦/ ٤٥٦).
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في "العقل وفضله" (ص: ٥٦)، وعنده: "اعقلوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>